رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

لا أظن أن جميع ما وصلنا عن هارون الرشيد الخليفة العباسى الخامس صحيح، فقد رسم الإخباريون للرشيد صورة اقرب للمستهتر الماجن، مئات الأخبار التى نقلت سهراته ومجالسه وندماءه وجواريه، وللأسف هذه الصورة الماجنة انتقلت بين الأجيال، وأصبحت مضرب المثل: «تقول هارون الرشيد». ونعتقد أن نقل هذه الأخبار دون مراجعتها وتحليلها فيه ظلم واستسهال من الباحث، على سبيل المثال، نقل لنا الأصفهانى فى كتاب الأغانى خبراً على قدر كبير من الغرابة، جمع بين الرشيد وندمائه وأبى نواس الشاعر الشهير، قيل:

«بينما كان أمير المؤمنين هارون الرشيد فى مجلسه وعن يمينه ويساره الوزراء والعظماء من أهل مملكته وأصحاب الرأى عنده، دخل عليه حاجبه معلنا قدوم أبى نواس، فقال الخليفة: دعه ينتظر قليلا، ثم نظر إلى جلسائه وقال: هذه فرصة سانحة نضحك فيها على أبى نواس ويجب أن أستحضر لكل منكم بيضة تخبئونها فى طيات ثيابكم حتى إذا دخل أبونواس، يتكلم كل واحد منكم بكلام فيتكلم أحدكم كلمة أغضب عليكم عند سماعها، وأقول: يا لكم من ضعاف مثل الفراخ. تالله إذا لم تفعلوا مثل الدجاج ويبيض كل منكم بيضة لأقطعن رقابكم. فقالوا: سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين.

وعندئذ طلب الخليفة من الحاجب أن يحضر ست بيضات، دون أن يراه أحد، وبالفعل أحضر الحاجب البيضات ووزعها على الجالسين، ودخل أبو نواس فسلم على أمير المؤمنين سلام الخلافة، وأظهر الرشيد انتباهه إلى حديث جلسائه، ونطق أحدهم بكلمة. فغضب منها الرشيد غضبا شديدا فصاح بهم: ويحكم أيها الجبناء إنكم مثل الدجاج، ولا أجد فرقا بينكم وبينهم والله إن لم يبٍض كل منكم بيضة لأقطعن رقابكم. فأظهروا الاضطراب والخوف، وأخذوا يفعلون كما تفعل الفراخ. وبعد قليل مد الأول منهم يده إلى مؤخرته، فأخرج بيضة وقال: ها هى بيضتى يا أمير المؤمنين، وأعقبه الثانى والثالث إلى السادس، وكان الخليفة يقول لكل من يقدم بيضته: قد نجوت.

ولما جاء دور أبونواس وقف على قدميه ومشى حتى توسط الجميع، وصار أمام الخليفة وجهاً لوجه، ثم صار يقول: كاك، كاك، كاك. كما يفعل الديك بين زوجاته الدجاج، ثم ضرب إبطيه على بعضهما، وصاح بأعلى صوته كما يفعل الديك تماما، وقال كوكو، كو.

فقال الخليفة: ما هذا يا أبو نواس.

فقال أبونواس: عجبا يا أمير المؤمنين، هل رأيت دجاجاً تبيض من غير ديك، هؤلاء فراخك وأنا ديكهم. فضحك الخليفة حتى كاد يسقط عن كرسيه، وقال له: يالك من خبيث ماكر، تالله لو لم تكن فعلت ذلك لعاقبتك، ثم أمر له بهدية ومال معجبا بذكائه».

نعتقد أن هذه الواقعة من المستحيل أن ننسبها لخليفة بقامة وقدر هارون الرشيد، ولا حتى لشاعر كبير بحجم الحسن بن هانئ.

[email protected]