رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حبانا الله بلغة عربية تمتاز بجمالها وحيويتها وتعدد مرادفاتها مما جعلها دوما لغة متفردة تكاد مفرداتها ومرادفات كلماتها أن تعطى دوما صورة حية وأن تصف دلالات كلماتها، وحسب المصادر الموثقة فإن عدد كلماتها هى الأكثر عددا بين اللغات فتصل فى بعض التقديرات إلى 12.3 مليون كلمة مما يوازى خمسًا وعشرين ضعف اللغة التى تليها فى الترتيب وهى الإنجليزية بعدد 600 ألف كلمة.

تلك المقدمة اللغوية هى أبلغ وأبسط الردود على من يحتكرون الرأى والحكمة وينكرون على الآخر فكره ورؤيته، بل إنهم يتهمونه بالسطحية وعدم المعرفة وعدم القراءة، وهى السطحية ذاتها وجوهر الاستبداد أن تتهم الآخر دون معرفة تامة.

خلال الأيام الماضية انتشر خبر اعتزام ونية إحدى فنانات مصر إعادة تقديم مسرحية عالمية للفيلسوف جان بول سارتر من خلال مسرح الدولة، وبطبيعة الحال فالفن والإبداع ركيزة أسياسية فى المكون الثقافى المصري، وأحد أهم ملامح الثقافة المصرية والشخصية المصرية وهى التى ميزتها عبر العصور، وعلى مدار التاريخ كان الفن المصرى هو أحد أهم أدوات القوة الناعمة المصرية، بل إنه كان ولا يزال يشكل جزءًا كبيرًا من الوعى لدى المواطن العربى لا المصرى فقط، وبالتالى فنحن لسنا ضد الإبداع ولكن الحكمة والذكاء دائما ما تقتضى فن استخدام المفردات فى سياق يناسب ويلائم عادات وتقاليد المجتمع المصرى والعربي.

وفور الإعلان عن اسم المسرحية انتفض الرأى العام ورفض تداول الاسم الفاضح واللفظ القبيح، واستجاب بعض نواب الشعب بمجلسى النواب والشيوخ لنبض الجماهير وطالبوا بمنع تداول هذا الاسم حفاظا على تقاليدنا وثقافتنا، وبالقطع نحن ندعم هذا الحراك البرلمانى حبا وغيرة على ثقافة ووعى أبنائنا، وحتى وإن كانت المسرحية تقدم معاني إنسانية سامية وتدافع عن قضية العنصرية والتمييز الطبقى وغيرها من المعانى السامية التى لا نختلف عليها، ولكن من حقنا أن نرى أن الاسم غير ملائم لطبيعة عاداتنا وتقاليدنا، وكما ذكرنا، فاللغة العربية زاخرة بالمرادفات التى يمكن استخدامها كبديل يناسب ثقافتنا وتقاليدنا دون الإخلال بجوهر النص وفلسفة تقديمه وأهدافه ورسائله النبيلة، وعلى الرغم من أن هذا النص يعالج قضية الصراع الطبقى والعنصرية التى تفشت فى المجتمع الأمريكى فى زمانها وربما لا تجسد معالجتها فى مجتمعنا قيمة كبرى، يبقى أنها تحمل معاني إنسانية وقيمة فنية لا ينكرها أحد، ولكن لماذا الإصرار على الترجمة الحرفية واتهام الرأى الآخر بالسطحية وعدم قراءة النص، ويا سادة الفن ورموزه، الأمر ليس له علاقة بقيود على الإبداع ووصاية على الفن، بل استجابة لنبض مجتمع رفض تداول الاسم وتسهيل تداوله واعتبار تداوله أمرا عاديا وجزءا من الإبداع، وربما لدينا سؤال نهمس به فى أذن الفنانين الكبار، أليس تجسيد بعض اللوحات التشكيلية الفنية لشخوص عراة فنا تشكيليا عالميا ويلقى قبولا عالميا كونه قيمة فنية كبيرة؟، ولكنه بالقطع لا يمكن ولا يستحسن تداوله فى مجتمعاتنا العربية.

المعالجة الفنية الصحيحة وتمصير الفن بما يناسب قيم المجتمع وعاداته وتقاليده والحفاظ على هويته الوسطية هو قمة الإبداع الحقيقي، والتاريخ الفنى المصرى زاخر بروايات أجنبية تم تمصيرها أو مصير اسمها ليلائم طبيعة ثقافتنا وهويتنا بما لا يخل برسائل العمل الأخلاقية. ولا شك أننا فى مرحلة بالغة الدقة من تاريخ أمتنا ووطننا ونواجه حروبًا شرسة لطمس هويتنا ونعلم علم اليقين أن الفن المصرى هو أحد أهم الأدوات لتنمية وإعادة تشكيل الوعى وهو أحد أهم أسلحتنا وسيبقى أحد أهم قوانا الناعمة فى المنطقة والعالم بأسره. وربما نحتاج الآن أكثر من أى وقت مضى لإنتاج أعمال فنية تعالج قضايانا المجتمعية الحالية، وتبرز وتجسد الجوانب المنيرة والإيجابية فى الشخصية المصرية، وتسليط الضوء على القيم المجتمعية النبيلة، وتقديم النماذج المصرية الملهمة لتجسد روح الإصرار والتحدى فى الشخصية المصرية لتهلم أجيالنا وشبابنا قوة حقيقية تساعد فى بناء الجمهورية العصرية الجديدة التى نتطلع إليها جميعا.

عضو مجلس الشيوخ

مساعد رئيس حزب الوفد