رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فى 25 ديسمبر القادم تحل الذكرى الرابعة لرحيل الكاتب الصحفى والمؤرخ «صلاح عيسى». شغف «صلاح عيسى» بالتاريخ منذ صباه ولجأ إليه باحثا وكاتبا خلال صدمة نكسة 1967، وذهب مع جيله يبحث فى كتبه وصحفه وأوراقه عن ملاذ بديل لحالات اليأس أو الاحباط التى سادت الأمة، وعن إجابة عن أسئلة الخيبة والهزيمة، عن دروسه، التى تعلم أن التاريخ حلقات متواصلة، متراكمة، تحفل بالهزائم والانتصارات، وأن مصر ما تكاد تقع وتتعثر حتى تنهض عفية قوية من جديد.

وعلى امتداد أكثر من أربعين عاما، نجح «صلاح عيسى» بصبر ودأب وجهد فردى، يفترض أن تقوم به مؤسسات، وبنفقات مالية باهظة، فى جمع عدد هائل من ملفات القضايا فى محاكمات معظم تيارات الحركة اليسارية المصرية، والحركات المنتسبة لتيار الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين. ارتاد لسنوات أرشيف وزارة العدل ومخازنها، ودار الوثائق والمحفوظات، للحصول عليها، وأكملها من أصدقاء من المحامين والقضاة وبعض المتهمين فى تلك القضايا. أزال عنها الغبار، وأعاد توضيح ما بلى من سطورها بفعل الزمن، وما خفى من رداءة التصوير. عكف «صلاح» على ترقيمها وتجليدها ومدها بالهوامش وملاحظات تفسر أحداثها. وشكلت تلك الوثائق ركنا ضخما من مكتبته الشخصية. وساعدته هو نفسه فى إصدار عدد من كتبه بينها «الثورة العرابية» و«مأساة مدام فهمى»، و«حكايات من دفتر الوطن» و«البرنسيسة والأفندى» وغيرها.

فى صيف عام 2018 رأيت أن أهمية تلك الوثائق باتت تكمن فى أن يستفيد منها الآخرون من الباحثين والدراسين والمؤرخين. إذ هى تتيح لهم رؤية مغايرة لما هو شائع عن الأحداث التاريخية، وربما تعيد تفسيرها وتنصف قادتها من عوامل الصراع السياسى التى تتحكم فى تقييمها. فضلاً عن التفاصيل التى تحفل بها، وتتيح لمن يجمعون مادة تاريخية، ويسعون لتحقيقها، عقد مقارنة بين بداياتها ونتائجها وآثارها، وبين الوشائج التى تجمع تفاصيلها بعضها ببعض، وأقوال من يشاركون فى صنع وقائعها، فتضيف لفهم حوادث التاريخ أبعادا من أفواه صانعيه.

استشرت عددا من الأصدقاء كان بينهم الكاتب الصحفى «أيمن الحكيم»، وقررت أن أهدى تلك الوثائق لجهة مصرية تدرك قيمتها وقيمة صاحبها. وبالفعل زارنى مشكورا وفد من مكتبة الإسكندرية، يرأسه الأستاذ «أيمن منصور» حيث أبدى إعجابه الشديد بتلك الوثائق، وتقديره لأهميتها. وفى خطاب وقّع عليه بحكم المسئولية التى كان يشغلها فى المكتبة، أقر فيه باستلام تلك الوثائق، وتعهد بإعدادها فى ركن خاص بالمكتبة يحمل اسم «صلاح عيسى» وبنقلها على أجهزة الكمبيوتر، وبتسليمى نسخا منها على سيديهات.

ولأمر لم أعد أفهمه، ظل الموضوع يتأرجح فى مكانه لنحو 3 سنوات. فلم أعد أتلقى أية إجابات مقنعة عن مصير تلك الوثائق، ولا الأسباب الكامنة خلف تجاهل الاتفاق المذكور.

وأمس نشرت الزميلة العزيزة «عائشة المراغى» تقريرا فى صحيفة أخبار الأدب، تتحرى فيه عن مصير تلك الوثائق. وكان من المدهش أن ينفى لها مسئول الإعلام فى مكتبة الاسكندرية الدكتور «سامح فوزى» وجود نية لوضع الوثائق فى ركن يحمل اسم: «صلاح عيسى»، متعللا بكثرة الأوراق التى تتلقاها المكتبة. وأحالها إلى مسئول الجرد بالمكتبة الدكتور «محمد سليمان»، الذى أكد ما سبق قائلا إنها مجرد أوراق بخط يده، ولا يقال عنها مخطوطات، بل هى مقالات وحسب، وسوف يتفرق دمها بين الأقسام المختلفة فى المكتبة، وليس هناك نية لموقع خاص لصاحبها.

ردود تحفل بالتعالى الغطرسة، فضلا عن الجهل. سامحهم يا رب فهم لا يعرفون. أما ما أعرفه، فهو أن يتفضل المسئولون فى مكتبة الإسكندرية، بإعادة تلك الوثائق، لكى تذهب لمن يدركون قيمتها، ومكانة صاحبها.