رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

لكل حضارة جذور تستمد منها قوتها وصلابتها.. كما في كل أمة علامات مضيئة ومُبهرة، وشخصيات مُلْهٍمة، وأعمدة راسخة، وحراس للركائز التاريخية والثقافية والفنية، أسهموا بشكل كبير في صُنع هويتها الحضارية.

لعل أحد أهم هذه الأعمدة الثقافية والفنية الصلبة في سوريا الحبيبة، قيمة وقامة لن تتكرر، على مدى أكثر من نصف قرن، شكَّلت علامة فارقة، فحوَّلت النغم إلى صوفية روح، وأسْكَرت من سمع بإعجاز خمرة الحب، لتجعل الغناء عشقًا والنشوة وَلَهًا وَشَوْقًا.

اسمٌ حمل رسالة الفن الأصيل والتراث السوري العريق طيلة عقود، بثبات وشموخ وصلابة تُضاهي صلابة وشموخ قلعة حلب، ليصبح أسطورة الطرب الأصيل، وصاحب الوجه الساطع في سماء الغناء، والصوت الراسخ في الذاكرة والوجدان.

مؤخرًا، ودَّعنا اسمًا من نغم، بدأ بنداءات الصلاة، وبقي يردد الآذان وتلاوة القرآن حبًا وعشقًا، ومبدعًا لا يُجارى.. ثم مطربًا عشقته الأنغام، محاطًا بقدود حلب الخالدة، تَزُفُّه الموشحات، ويتسابق الشعراء والمطربون والألحان للتعطر به.

ورد ذكره في موسوعة مايكروسوفت «الإنكارتا»، كرمز أصيل للغناء العربى، ويدخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية، بغنائه على المسرح لأكثر من عشر ساعات متواصلة، بلا توقف، بمدينة كاراكاس الفنزولية 1968.

إنه الفنان العربي السوري صباح «أبوقوس» فخري، الذي مَلَكَ القلوب بالنغم الشجي، فشدا للحب الذي يكوي الإنسان بمقدار ما يُسعده، متجاوزًا حدود النغم، بفلسفته وإيمانه وتصوفه ونظريته في الحياة، ومخزونه اللغوي والثقافى العظيم.

فنان لحَّن فأبدع، وغنّى فأطرب، وأطال فأجاد، بل لعله كان أهم من وقف على المسرح من حيث جودة ونقاء وعذوبة الصوت، والقدرة على التميز والتألق، ليشدو بالفصحى ويجعلها تدور على الألسنة، وكأنها كلمات شعبية يتداولها الناس.

صباح فخري، قيمة نادرة لها فضل كبير على الموسيقى السورية لعقود طويلة قادمة، حيث ساهم في حماية تراثها ونَظَمَه بطريقة أكاديمية.. كما أنه وخلافًا للكثير من الفنانين العرب الباحثين عن التغريب، بقي متجذرًا على مستوى الهوية الفنية.

رحل «صناجة العرب» و«قلعة حلب الثانية» و«حارس التراث»، و«ملك القدود»، الذي طاف العالم وتربع على عرش الغناء، ليصبح أيقونة في سوريا والوطن العربي، وأحد أهم أعلام الموسيقى الشرقية الأصيلة، لتبقى أعماله خالدة في الوجدان، كواحد من أهم مطربي الشرق.

أخيرًا.. رحل «بهيج الروح»، و«ساقي العطاش»، بـ«خمرة الحب»، بعد أن أخبرنا عن «اللؤلؤ المنضود»، عندما وجد «المليحة في الخمار الأسود»، ليظل تراثه صامدًا أمام محو الهوية الثقافية والفنية، تاركًا للأجيال المقبلة مجموعة من الأعمال الخالدة والإنجازات الكبيرة والإبداعات المتميزة، في خدمة الفن العربي الأصيل.

فصل الخطاب:

يقول جبران خليل جبران: «الموسيقى كالمصباح تطرد ظُلمة النفس، وتُنير القلب فتُظْهِر أعماقه».

[email protected]