عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

كابوس يثقل كاهل الأسرة المصرية ويستنزف مواردها، وينخر فى عصب العملية التعليمية الحقيقى ويؤثر على مستقبل الأمة بأكملها، ويخرج لنا طالبا متلقنا كيفية أداء اختبار، ويلهث وراء صراع الدرجات والمعرفة السطحية ويختفى معها الفهم والإبداع الحقيقى، وليتها تساعد فى بناء شخصية أبنائنا التعليمية أو تساهم فى تحقيق آمالنا وطموحاتنا فى خريج قوى مهنيا. والعجب كل العجب لتزايد انتشار هذه الظاهرة منذ الصفوف الابتدائية الأولى وحتى الجامعة فى تحد واضح وصارخ لكافة الجهود الجبارة التى تبذل من أجل تطوير التعليم.

ووفقا للأرقام الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يوجد 26 مليون أسرة فى محافظات الجمهورية تنفق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية حوالى 47 مليار جنيه، بنسبة 37.7% من إجمالى الإنفاق على قطاع التعليم.. كل هذه الأموال تقطعها الأسرة المصرية البسيطة من قوت يومها لتوفيرها لأبنائها الطلاب للحصول على الدروس الخصوصية التى تستنزف موارد الأسرة لسنوات ومن مرحلة لمرحلة أصعب ويستمر أولياء الأمور فى هذه الدائرة المفرغة من تحمل تكلفة أعباء الدروس الخصوصية من سنة دراسية لأخرى، ومن مرحلة تعليمية للتى تليها.

فى زماننا كانت الدروس الخصوصية خفية ومهانة حقيقية لدلالتها على ضعف الطالب العلمى وضعف قدرات التحصيل لديه، أو كانت لمجرد انشغال الأبوين عن المتابعة فقط، والآن هناك للأسف بعض الطلاب يتناوب عليهم مدرسون لنفس المادة أحدهم للشرح وآخر لحلول الامتحانات. والمشكلة الحقيقية تكمن فى تخوف ولى الأمر من المستقبل ومحاولته جاهدا تيسير الأمر على ابنه للتحصيل، ولكن للأسف فذلك يزيد المشكلة تعقيدا، فقد اختفى دور المدرسة الحقيقى وتم تهميشه لإحساس الطالب أنه لاحاجة له بها، والخطورة فى غياب دور المدرسة ليس تعليميا فقط، ولكن غاب احترام الطالب لمكان تلقى العلم الحقيقى وإحدى أهم مؤسسات انتقال الثقافة والقيم المجتمعية، وكم شاهدنا مؤخرا من ظواهر وأحداث وتعدٍّ تبرز وتؤكد ذلك وتنعكس مجتمعيا بشكل سلبى للغاية.

وخلال العقود الأخيرة سمعنا الكثير عن خطط التطوير للتعليم، إلا أنها ظلت بلا أثر حقيقى على مخرجات التعلم، وابتعدت المسافات بين طموحنا الحقيقى فى تعليم جيد يسهم فى بناء الدولة وبين ما نراه من مخرجات ومستوى للخريجين، بالإضافة إلى انفصال تام بين سوق العمل ومتطلباته ومخرجات التعليم النهائية، حتى اقتحمت إدارة الرئيس السيسى المشكلة وباتت تحديا حقيقيا كبيرا، مثلها فى ذلك العديد من المشكلات والملفات التاريخية التى تم اقتحامها، وعلى الرغم من كل ما سبق فلم نستطع السيطرة على تلك الظاهرة الخطيرة التى لاتزال تنخر فى عصب عملية التطوير وتستنزف موارد الأسرة المصرية وتشكل اقتصادا موازيا لا يخضع لضرائب يضر بالدولة، وتحبط جهود الدولة فى التطوير، وتزداد يوما بعد الآخر آثارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأخطرها تغييب متعمد لدور المدرسة والجامعة فى التربية والتعليم الحقيقى، وللأسف يغذيها بعض من المستفيدين من أباطرة الكتب الخارجية، والتى لا مثيل لها عالميا، وبعض من المعلمين وأباطرة مراكز الدروس الخصوصية، إضافة إلى الثقافة العامة والتى لابد وأن تتغير إذا أردنا تطورا حقيقيا فى المفاهيم التربوية والتعليمة ومخرجاتها التى نطمح إليها.

إن مسئولية القضاء على الظاهرة هى مسئولية تشاركية للجميع بدءًا من الطالب وأسرته والمعلم والمدرسة والجامعة وكافة الوزارات المعنية، والوزارات قريبة الصلة والأكاديميين وعلماء التربية وعلماء النفس، والمسجد والكنيسة، ومعهم وسائل الإعلام لوضع خطة قومية حقيقية تسهم فى التخلص من براثن تلك الآفة، فلن تستطيع جهة واحدة أو إجراء واحد فى القضاء على الدروس الخصوصية، العدو اللدود الذى يهدر الكثير من جهود التطوير لمنظومة التعليم فى مصر.

--

عضو مجلس الشيوخ

مساعد رئيس حزب الوفد