رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

ربما يعبر عنوان هذا المقال عن الوضع الحقيقى للبنان فلولا ما يعتبر ضعفه «المخزى» ما جرأ كاتب مثلى على الإقدام على هذا التوصيف لبلد عربى شقيق، حتى ولو من باب التعاطف والدفاع عن هذا البلد الأصيل، لما يمكن أن تقوم به الخارجية اللبنانية مثلا من احتجاج على التوصيف وتوجيه احتجاجات شديدة اللهجة إلى مصر وربما قطع العلاقات.. إلى غير ذلك من إجراءات لم تعد غريبة علينا فى وسطنا العربى فى التعامل على خلفية «هكذا» أزمات كما يقول الشوام!

وإذا كان من الصحيح أن توصيف «الضعف المخزي» حقيقى وليس مجازيًا وفق مؤشرات القوة على الأرض ووفق مؤشرات التنمية البشرية، ما يضع لبنان بحق فى مصاف «الدول الفاشلة»، إلا أن هذا الوضع يفرض التعامل مع هذا البلد العربى العريق وصاحب البصمة الحضارية فى منطقتنا وفق منطق «ارحموا عزيز قوم ذل»!

لقد شاء القدر أن يضع لبنان فى مهب الرياح العربية فناله ما ناله من صدمات وكدمات أوصلته إلى هذا الحال المزرى أو المخزى الذى نراه، ليس ذلك فقط بل إنه دفع ضريبة الصراعات العربية مع قوى خارجية وعلى رأسها إسرائيل. وعلى وقع هذا الحديث أتذكر كلمات الرئيس السادات فى بداية الحرب الأهلية اللبنانية وكنت وقتها فتى فى مقتبل العمر لا أعى شيئا من السياسة «ارفعوا أيديكم عن لبنان».

بعيدا عن المقصود بكلمات الرئيس السادات وقد كانت سوريا بالأساس فى ذلك الوقت فإن الأمر لا يتطلب ليس فقط رفع الأيدى عن لبنان وإنما دعمه ومساندته للخروج من أزمته.. ولذلك شعرت بالفخر حينما تابعت أخبارًا تشير إلى مساهمة مصرية فى تزويده بالغاز لمواجهة أزمة الطاقة الطاحنة هناك!

مرة ثانية وثالثة لبنان ضحية خيباتنا العربية ومرأة لمأساتنا وصراعاتنا، وأتصور أنه لو وجد جغرافيا فى منطقة أخرى بعقلية أبنائه ورؤاهم للحياة لكان له شأن آخر. على هذه الخلفية قد يبدى البعض دهشته، وله كل الحق، فى تلك الأزمة الناشبة بين لبنان ودول الخليج على خلفية تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبنانى جورج قرداحى فى أغسطس الماضى قبل توليه منصبه اعتبرت تنال من السعودية والإمارات.

لا يملك المرء سوى التعبير عن رفضه لأى محاولة للغمز واللمز من أشقاء عرب خاصة فى قضايا مصيرية يجرى الصراع بين أطرافها على اكتساب تأييد الرأى العام الإقليمى والدولى مثل قضية الحرب الدائرة فى اليمن. لكن هذا شيء والتعبير عن الرأى شيء آخر، فربما نالت حرب فيتنام أو الغزو الأمريكى للعراق من بعض الأمريكيين نفس التوصيف الذى أطلقه قرداحى على حرب اليمن ومع ذلك لم تقم القيامة هناك ولم يتهم من أطلق ذلك التوصيف من الأمريكيين بأى صفة تنال من وطنيته أو حبه لبلده. ما يعنى أنه لا يجب تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، خاصة أن قرداحى اعتذر ضمنا حين أشار إلى أن أى تصريح سابق له بشأن أى قضية أو بلد لا يمثل الحكومة اللبنانية وقد أصبح وزيرا ملتزما بموقف مجلس الوزراء.

باختصار أعتقد أن الأزمة المشار اليها أخذت بعدًا أكبر من حجمها، لأسباب عديدة من بينها بالطبع، دون زعل، ضعف لبنان الذى ربما يغرى الكثيرين عربا وغير عرب على التعامل معه وفق منطق العلاقات الدولية الذى يقوم على أساس لغة القوة فى مواجهة الحليف قبل الخصم. المشكلة الأكبر تتعلق بالخصم – اسرائيل فى حديثنا–والذى يلقى حفاوة وترحابا يثير دهشة الأعداء قبل الحلفاء! لحد يطرح تساؤلات بشأن أبعاد هذه التحولات فى مثل هذه العلاقة.. وعلى هذا وبغض النظر عن من هو المخطئ الحقيقى، ومن هو المصيب فى الأزمة المشار اليها، فإن لنا أن نشعر بالأسى ليس على الضعف المخزى للبنان فقط، وإنما على الانقلاب فى طبيعة العلاقات بالمنطقة الذى حول الشقيق إلى خصم، والعدو إلى حليف!!

[email protected]