رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

يسمونه اقتصاد الظل أو الموازى أو غير الرسمى أو السرى وأحيانا يسمونه الاقتصاد المظلم أو الأسود حيث لا نرى ما يجرى بداخله. هو مشكله كبرى لأى اقتصاد لكنه فى الحالة المصرية يقدم بعض الحلول فى بعض الأوقات لاسيما الأوقات العصيبة.

وربما يفسر ذلك حالة التضخم المستمرة فى حجم هذا الاقتصاد حتى بات يقترب من نصف حجم الاقتصاد الرسمى أى أنه يدور حول ثلاثة تريليونات جنيه سنويا. وربما يفسر ذلك حالة غض الطرف الذى مارسته معظم الحكومات السابقة تجاهه وسمحت للقائمين عليه والمستفيدين منه بتكوين ثروات ضخمة على أمل أن تجد هذه الثروات طريقها للدخول فى قنوات الاقتصاد الرسمى يوما ما انه كميات الأموال الهائلة والسلع اللانهائية والخدمات المتنوعة التى تتحرك خارج النظام لايراها «السيستم»ولا تعرف عنها الضرائب شيئا رغم أنها تتحرك فى وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع شعبا وحكومة.

صحيح ان هذا الاقتصاد الموازى يقدم سلعا رخيصة وغالبا رديئة للفقراء ويوجد فرص عمل لاتتطلب مهارات كبيرة ويقدم دخولا لشرائح اجتماعية واسعة فى عصر الأزمات لكنه فى المقابل يمثل معضلة كبرى لاقتصاد يتأهب لمرحلة من النمو السريع معضلة ليست اقتصادية فحسب بل اجتماعية وسياسية أيضًا.

هو يخلق ثروات ضخمة للبعض دون مجهود كبير وعبر النفاذ من ثغرات السوق يسهم فى دعم الاستهلاك لكنه يرفع الأسعار ومعدلات التضخم يلعب فى سوق العقارات فنجد تقييمات غير واقعية ولا مبررة لأسعار الشقق والأراضى يدفع ببعض رموزة إلى عالم السياسة دون امتلاكهم أى مؤهلات سياسية لا رؤية ولاكاريزما ولا هدف سوى خدمة مصالحهم. يعطل آليات العرض والطلب الحقيقية ويشوه هيكل العملية الإنتاجية يفضل البقاء هناك بعيدا فى المنطقة المظلمة حيث لا رقابة ولا محاسبة. يصيغ قيما مغايرة يضع فى أيدى الأجيال الجديدة من ابنائه أموالا طائلة ينفقونها ببذخ ودون اكتراث وما جرى فى الساحل الشمالى هذا الصيف دليل لا تخطئه عين.

واذا كانت الدولة قد تنبهت مؤخرا لحجم هذا الاقتصاد وخطورة استمراره على هذا النحو وتسعى جاهدة وعبر آليات ترغيب متعددة إلى اجتذاب جزء من هذا الاقتصاد إلى المنظومة الرسمية إلا أن هذه الجهود ربما لا تنجح فهناك مقاومة شديدة وهناك جماعات مصالح مستفيدة تبارك هذا الوضع الشاذ.

وأخيرا هناك أجهزة بيروقراطية لا تجيد حتى الآن أدوات التعامل مع واقع ترسخت قواعدة منذ عشرات السنين ولا تريد ولا تريد أن تستفيد من التجارب العالمية فى هذا الشأن حيث نجحت بعض الدول مثل البرازيل فى تقديم حلول مرحلية للظاهرة حتى أوشكت أن تقضى عليها

إذن ماهو العمل وكيف يمكن التعامل مع الحالة المصرية المستعصية بعد أن أصبح لدينا اقتصادان احدهما رسمى والثانى يتحرك بالتوازى معة وكأنه دولة الظل.

بالطبع لا توجد روشتة جاهزة ولا حلول نمطية لاسيما وانه لا توجد جهة رسمية او غير رسمية تمتلك تقديرا دقيقا لحجم هذا الاقتصاد أو حصرا بالمجالات التى يتحرك فيها لكن المطلوب على الأقل تنقية ومراجعة ترسانة القوانين الحاكمة للنشاط الاقتصادى والمتعلقة بمنح التراخيص والموافقات وخفض الرسوم عليها وحسم الكثير من الملفات المعلقة على سبيل المثال تراخيص التوكتوك والتعامل الجزئى مع كل قطاع من قطاعات هذا الاقتصاد حسب ظروفه واعداد المنخرطين فيه.

تعامل ينطلق من رؤية واضحة وهدف محدد وهو كيفية الاستفادة من هذا النشاط غير الرسمى وترشيد سلوكه واجتذابه إلى منطقة مضيئة تحت الشمس حتى يراه الجميع ولا مانع من التضحية ببعض الرسوم والضرائب مرحليا لأن دخول هذه الأنشطة الضخمة تحت المظلة الرسمية سوف يضاعف حجم الناتج المحلى ويعيد ترتيب أوضاع كثيرة على الخريطة الاقتصادية.

الاقتصاد الموازى ياسادة وباختصار شديد هو ثروة الفقراء علينا ألا نبددها بل نستفيد منها كما يحدث فى كل بلاد الدنيا.