رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

وظائف تبحث عمن يشغلها. أعمال تبحث عن المؤهلين لإنجازها ولا تجد فى المقابل تزداد طوابير العاطلين الباحثين عن فرصة عمل على صعيد الأجور راتب الطبيب حديث التخرج لا يزيد عن ٢٢٠٠جنيه، المهندس المتفوق يتقاضى ثلاثة آلاف جنية مقابل نحو عشر ساعات عمل يوميا المدرس غير المعين حددت وزارة التربية والتعليم أجره بعشرين جنيها فى الحصة الواحدة مقابل ستة آلاف جنيه راتب شهرى للشغالة التى لايزيد عمرها على ١٦عامًا غير الاكراميات بأنواعها و٢٥٠جنيها أجرا يوميا لأى عامل لا يجيد اى مهارة ونحو ٥٠٠جنيه فى المتوسط أجر يومى للسباك أو الكهربائى أو مبلط السيراميك.

ماسبق هو أبرز تجليات الخلل فى سوق العمل والأجور فى بلدنا وهو خلل مرشح للازدياد يوما بعد يوم ويهدد مسيرة النمو الاقتصادى وينتج أوضاعا اجتماعية واقتصادية سلبية تهدد بالدرجة الاولى مستقبل الطبقة الوسطى فى مصر.

صحيح ان هذا الخلل يضرب بجذوره منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى مع بدء سياسة الانفتاح الاقتصادى، وكلنا يتذكر فيلم انتبهوا أيها السادة لكن هذا الخلل بات أكثر شراسة وترسخا فى العشر سنوات الأخيرة.

وصحيح أيضًا أن هذا الخلل هو إحدى النتائج الطبيعية لمنظومة تعليمية عاجزة عن مسايرة التطورات الحادثة فى العالم وما افرزته العولمة والثورة الرقمية من معادلات جديدة لكن لاينكر أحد أن التشوهات التى عانى منها الاقتصاد المصرى واتساع رقعة الاقتصاد الموازى غير الرسمى منذ ثورة يناير وحتى الآن تمثل سببا رئيسيا لهذا الخلل.

وقد يتصور البعض أن آثار هذه الأوضاع لاتعدو أن تكون زيادة فى الأجر هنا ونقص فى الأجر هناك لكن الآثار الحقيقية أخطر بكثير فها هو البنك الدولى يحذر من استمرار اتساع الفجوة بين العائد على العمل والعائد على الاستثمار بكل أنواعه بما فيه الاستثمار البشرى وتأثيرات ذلك على المجتمعات وعلى قيم التفوق والمهارة الفردية.

وبالنسبة لمصر فإن استمرار هذه الأوضاع المقلوبة فى سوق العمل والأجور من شأنه ان يعمق من تشوهات الاقتصاد الكلى لانه يعزز من قيم الاستهلاك والخدمات السريعة غير المنتجة على حساب قيم الإنتاج والتصدير وتوازن العلاقة مع العالم الخارجى. كما انه يهدد قيم التعليم والاستثمار فى الموارد البشرية على المدى الطويل ويهدد وهذا هو الأخطر الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للطبقة المتوسطة المصرية التى تمثل رمانة الميزان وحارسة القيم ومخزن الثقافة والإبداع فى المجتمع لأن تراجع الأوضاع المعيشية لأفراد هذه الطبقة رغم تفوقها التعليمى يؤثر سلبًا على دورها وتأثيرها السياسى والاجتماعى ويفتح الباب أمام صعود القيم البديلة التى يحمل لواءها أفراد الشرائح الاجتماعية التى تكسب أموالاً كثيرة لا تتناسب على الإطلاق مع مايقدمونه من جهد ومايضيفونه للمجتمع، واظن أن ظاهرة أغانى المهرجانات هى إحدى التجليات المبكرة لصعود هذه الشرائح وقيمها البديلة.

وإذا اضفنا إلى ذلك عامل آخر يتمثل فى تراجع الأمان الوظيفى للمتعلمين من أبناء الطبقة الوسطى نتيجة إمكانية استغناء الشركات عنهم فى أى لحظة وما ينتجه هذا التراجع من توترات نفسية تلقى بظلالها السلبية على طموحات الأجيال الشابة من أبناء هذه الطبقة يتضح لنا مدى خطورة هذا الانقلاب الحادث فى سوق العمل والأجور فى مصر. نحن ندق ناقوس الخطر لعل هناك من يسمعنا.