رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

على شاكلة حال نهر النيل ومياهه تأخذ أزمة سد النهضة الشكل ذاته ما بين فيضان فى التناول إلى حد التخمة وبزوغ نذر الخطر، وبين شح فى الأخبار إلى حد النسيان أو الاندثار. وإذا كان يمكننا التأكيد أننا عشنا على مدار الشهور الماضية ما يمكن اعتباره فيضان أخبار بشأن أزمة السد، فإننا يمكننا القول بكل ثقة أننا سنشهد ندرة بالغة فى أخباره خلال الفترة المقبلة قد لا تزدهر وتنتعش إلا قبل فترة قليلة من الصيف المقبل وبدء إثيوبيا استعداداتها لعملية الملء الثالث.

حينها سيبدأ فصل جديد من الأزمة أتصور أن تفاصيل وقائعه ربما تبدو قائمة فى ذهن أو خيال الكثيرين حيث تعلن أديس أبابا استعدادها للملء الثالث وفق اتفاقية إعلان المبادئ فيما تعلن القاهرة والخرطوم رفضهما أى تصرف أحادى وعدم اعترافهما بأى نتائج لهذا الملء فيما تدور فى الساحات الدولية عجلة السياسة فى محاولة للتوصل إلى حل لا يبدو لأطراف الأزمة ذاتها أنه ماثل فى الأفق!

وبعيدا عن تفاؤل المتفائلين أو تشاؤم المتشائمين، فلعل مسار الأحداث حتى الآن يشير إلى أنها جرت فى مسار الحلول الوسط التى لا تلبى أى طموح أو أهداف أطراف الأزمة وهو أمر رغم سلبيته وسوئه من منظور المصالح المصرية إلا أنه يمكن قبوله باعتبار أن الفرصة ما زالت سانحة لتحقيق ما عجزنا عن تحقيقه فى شوط الأزمة خلال العام المنصرم الذى انتهى مع انتهاء عملية الملء الثانى.

فعلى صعيد إثيوبيا لم تنجح فى الوصول إلى كميات الملء المستهدفة وهى 13.5 مليار متر مكعب وهو ما كان يفرض أمرا واقعا يمثل خطرا على مصر والسودان، صحيح أن ذلك قد يكون فى جانب منه لأسباب فنية وإمكانيات تتعلق بعمليات الإنجاز فى بناء السد، إلا أنه فى جانب منه ربما يعكس ضغوطا من هنا أو هناك لإخراج الأمر بهذه الصورة بما يخرج الموقف بصورة لا تضعف موقف قادة إثيوبيا أمام الشعب هناك.

أما على الجانب المصرى السودانى فرغم أن الملء الثانى قد تم إلا أنه من منظورهما يمكن معه التعامل على أساس أنه لم يتم، حيث لا تمثل الكمية الجديدة وهى نحو 3 مليارات متر مكعب أو أكثر قليلا أمرا يعكس تحولا عن وضع السد قبل الملء الثانى. وإن كان موقف الطرفين على الصعيد السياسى هو الأكثر إثارة للقلق من منظور المتابع للأزمة فى ضوء أن مسار مناقشات مجلس الأمن الذى كان يعلق عليه الأمل فى وقف إثيوبيا عند حدها قد سار فى اتجاه معاكس!.

لكن يبقى أن المجلس لم يصدر قرارا وهو ما يمكن معه اعتبار جلسته كأن لم تكن وتصبح الدولتان فى حِل من أى قيود كان يمكن أن يمثلها القرار وهو الدعوة للاستمرار فى المفاوضات دون إلزام إثيوبيا بشىء يتجاوز ذلك، وفى الوقت ذاته فإن الشهور القادمة وحتى الملء الثالث تمثل فترة كافية يمكن للدولتين أن تشيرا إلى أنهما التزمتا خلالها برؤية المجلس التى ظهرت فى المناقشات والتى كانت تتمحور حول مهلة زمنية لستة شهور كإطار زمنى للمفاوضات مما يوسع من نطاق حركتهما المستقبلية.

لا يعنى هذا تجاهل تحرك مثل الوساطة الجزائرية أو التأكيدات المصرية المتواصلة على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.. ولكن لا يمكن إنكار أن أزمة السد فقدت زخمها بشكل مؤقت.. الأمر الذى ليته يكون فرصة لمصر لالتقاط الأنفاس وإعادة النظر فى استراتيجياتها على ضوء نتائج الفترة الماضية التى لا تبدو نتائج مبشرة!

[email protected]