رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

قبل عقود، اعتدنا وجود عبارة «للكبار فقط»، أو «18+»، تسبق عرض بعض المُصَنّفات الفنية، خصوصًا الأفلام، لتمتد لاحقًا للبرامج التليفزيونية، حتى وصلت في فترةٍ ما، إلى «كليبات» تُسمى بالأغاني!

وجود هذه الجُمَل كان لافتًا، في بداية العرض «المُنْتَظَر»، كتحذير للمشاهدين من احتوائه على مشاهد وألفاظ، لا تُناسب الصغار والمراهقين.. وبذلك يحتمي صُنَّاع العمل خلف تلك المقدمة، لتبرئة ساحتهم من خدش حياء الجمهور!

«إشارات تحذيرية» اختفت تمامًا في «زحام» عصر «تيك توك»، الذي أصبح تشويهًا متعمَّدًا للقيم والأخلاق، بما يتضمنه من إسفاف مبالَغ فيه، وإيحاءات جنسية فاضحة، وألفاظ نابية، لاستقطاب المتابعين!

منذ بدء ظهور تطبيق «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة، عام 2016، استطاع أن ينتشر بسرعة مخيفة، ويجتذب مليار شخص في أكثر من 155 دولة، يتابعون «مواد ترفيهية» معظمها غير صالح «للاستخدام الإنساني»!

إذن، النتيجة ابتذال مفضوح وسقوط متدَنٍّ لمنظومة القيم التقليدية المحافِظة، وارتكاب أعمال فاضحة، ونشر الفسق والفاحشة في المجتمع، وانحطاط أخلاقي، ينحدر بالذوق العام إلى مرحلة ما بعد «قلة الأدب»، لبعض «المُرْتَزَقَة الجدد»!

للأسف، أصبح مجرد تحميل التطبيق يحقق ربحًا ماليًا فوريًا، أضف إلى ذلك العائد المادي السريع مقابل إنشاء فيديو قصير يحقق نسبة مشاهدات، ليسيل لعاب الكثيرين، الذين يحاولون استقطاب المشاهدين بأي شكل، مهما كلَّف الأمر من سُمْعَتِهِم!

لقد أصبح الثراء السهل والانتشار السريع، حلمًا يراود شريحة كبيرة من «كائنات الهوهوز» التي تضم الفتيات والشباب والمغمورين، على حدٍ سواء، وبات الهاجس الوحيد لهؤلاء، هو كيفية الوصول والانتشار، بأي وسيلة.. حتى ولو عن طريق الابتزاز الجنسي العلني!

نتصور أن ما نراه ليس سوى «فقاعات» تقدم محتوى «اللاحاجة»، تتجاوز حدود الأخلاق والفضيلة، بانتهاج الرقص والإثارة والإيحاءات الجنسية والمشاهد «الساخنة»، حتى اقتربنا من الوصول إلى مرحلة الفجور التي يتبعها انحطاط مجتمعي.

لقد أصبح الأمر صادمًا وفوضويًا وعبثيًا، لا تحكمه ضوابط ولا معايير أخلاقية، أو أعراف وتقاليد مجتمعية، حتى يكاد يكون لكل شخص تقريبًا، حساب على تطبيق «تيك توك»، على أمل أن يصادف نجاحًا و«فرقعة»، لحصد الدولارات وتحقيق الشُّهْرَة والثراء السهل والسريع.

ربما تكمن خطورة هذا التطبيق على مجتمعنا، في استخداماته السيئة، حيث تُنْذِر تداعياته الفوضوية بخلق مجتمع متحلِّل من الأخلاق ومنسلخ عن القيم، ليعتاد شيئًا فشيئًا على أن يكون «الابتذال» و«الفاحشة» أسلوب حياة!

أخيرًا.. نتصور أن عصر «تيك توك» سيستمر بعض الوقت، إلى أن يظهر تطبيق آخر يتصدر «التريند»، ولنا في «يوتيوب» خير دليل على أفول كثير من المشاهير «اليوتيوبرز»، الذين أصبحوا الآن في دائرة النسيان.

فصل الخطاب:

الحضارة ليست أدوات نستعملها ونستهلكها.. إنما هي أخلاق سامية نُوَظِّفها جيدًا.

[email protected]