رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

أوراق مسافرة

عندما يشتد نقاش بينى وبين أحد من أشقائى أو أصدقائى حول أمر من الأمور واستمسك كل منا برأيه، ولم يسلم لو بعض قناعاته للطرف الآخر، أجدنى أحسم النقاش بدعابة «لا تجادل ولا تناقش يا أخ على وإلا وقعت فى المحظور»، وذلك درءًا لئلا يؤدى الخلاف فى الرأى إلى إفساد الود، وهى الجملة الشهيرة التى قالها أمير الجماعة المتطرفة «أحمد راتب» لعضو التنظيم «عادل إمام» فى فيلم «الإرهابي».

جملة كان أمير التطرف يلجم بها لسان العضو، فلا يناقش فى شيء أو يعمل عقله فى أمر جدى خطير، مما حوله إلى مجرد آلة قتل مسلوبة الإرادة، ليس له أى حق، ولا حتى فى اختيار زوجة، بل وسلبه الزوجة الموعودة وتقدمها لآخر وفقًا للفيلم، وهو منهج حقيقى تتعامل به قيادات الجماعات الإرهابية والمتطرفة مع أعضائها، فتفرغهم من إرادتهم، وتضمن انقيادهم وانصياعهم لكل ما هو مدمر وخطير.

«لا تجادل يا أخ على وإلا وقعت فى المحظور»، تحولت للأسف أيضا إلى عرف فى المضمون وغير منطوق فى حياتنا تقريبا، بل إلى منهج يستخدمه اغلب-ولا أقول كل- من أسعدهم حظ الحياة ليجلسوا على مقاعد هامة، هؤلاء يرون أن آراءهم وكل قراراتهم صواب لا تحمل أبدا الخطأ، وويل لمن يعترض ممن هم تحت سلطته أو قيادته، يصنف كعدو شخصى له على الفور وينكل به، أو يتم إقصاؤه وتهميشه حتى سن المعاش، أو حتى يموت قهرا وكمدا، ولا ينجو إلا من كان منافقا، أو مطية، وألغى عقله، وابتلع لسانه، ولم يعد يعرف سوى كلمات نعم، تمام، علم وينفذ، آمين...

صار التساؤل نقمة، وفتح النقاش للاقتناع تهمة، والاعتراض لعنة، واصبح كثيرون من هؤلاء يرون فى انفسهم آلهة يجب أن يتعبد الآخرون فى محرابهم، فهم فى تصور انفسهم لا يخطئون، يعتقدون انهم عيون السماء فى الأرض، ويد البطش الكبرى، حتى وان كانت إدارتهم للأمور أو قراراتهم قديمة، عقيمة، لا ابتكار فيها ولا تجديد ولا تطوير أو تنمية، رغم أن هناك مفهومًا إنسانيًّا خطيرًا جوهره أن التاريخ لا يحكم الحاضر ولا المستقبل، حتى وإن استقينا منه الدروس والعبر، وانه لا ثوابت فى الكون إلا وجود الله وكتابه الكريم، القولبة الفكرية مرفوضة ومذمومة، لن تبنى إلا قلاعًا من الجمود تعزلنا عن الجديد والتجديد.

«سيدى أنت مخطئ فى إدارتك لهذا الأمر»، كم منا لديه رفاهية النطق بتلك الجملة لمن يترأسه فى العمل، كم منا لديه مساحة الأمان من العقاب والتنكيل، اذا ما قال تلك الجملة، وكم منا لديه انتصاراته حققها بفكرة ما أو تخطيط متطور، تمكن به اختراق قلاع الرفض والتطويق والتحجيم، كم منا لم تصبه إحباطات العجز وهو يدفن بنات أفكاره، ومقترحاته لتطوير العمل وتنميته، لأنه يعمل تحت رئاسة وقيادة شخص لا يسمع ولا يرى إلا نفسه، كما من ردد لنفسه أو على أسماع زملائه «أنا بعت القضية» فى كوميديا سوداء تهكمًا، وهو يرى المؤسسة تنهار وتخرب، لمصلحة قلة على حساب المجموع، وعلى حساب المجتمع والمال العام، وهو متقوقع فى إحباطاته يراقب هزلية الإدارة، وعبثية القرارات.

أيها الجالسون على المقاعد، أيًّا كان حجم مسئولياتكم، افتحوا الدائرة المغلقة للنقاش، للحوار، للخبرات الأخرى غيركم، دعوا منافذ الضوء تدخل إلى قوالبكم، لتبدد العتمة، وتطلق العنان لأفكار خارج صناديقكم، اسمحوا لتلاقح العقول والأفكار، للخروج بأفضل النتائج للعمل والتطوير، دعونا نسأل، لأنكم ستسألون أمام الله والتاريخ عن أعمالكم، وأطلقوا لحناجركم الميمونة رحابة الجواب، دعونا نفهم، الفهم يقود إلى التفكير، والتفكير إعمال للعقل والمنطق، وحماية من الانقياد المذموم، سواء إلى التطرف أو التفريط، لا تدعونا نحارب طواحين الهواء فى خيالنا، وطواحين الفشل تدمر قواعدكم.

«الأخ على» حين فهم الحقيقة حتى بعيدا عن المجادلة، غير مساراته الخاطئة إلى الأصوب، فافتحوا مجال التعاون...للوصول إلى الأصوب، مصر الجديدة بحاجة للجميع، ليس فقط لحفنة منكم، أنتم منا...وليس من السماء تنزلتم، اسمعوا...وعوا...ولا تغلقوا دوائركم عليكم، فإذا ما رحلتم، تركتم خلفكم كوادر واعية قادرة على العطاء والنجاح، فمهما طال بوجودكم الزمان.. لستم أنتم المكان.

[email protected]