رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

 

قبل تسعين عامًا أشرقت الدنيا بوجه الرضيعة فاتن حمامة، إذ ولدت فى 27 مايو 1931، وفى عام 1940 أضاءت شاشة السينما ملامح الطفلة فاتن حين شاركت فى بطولة فيلم (يوم سعيد) مع عبدالوهاب، ومن ساعتها، والصبية ثم الآنسة ثم السيدة فاتن لا تتوقف عن إسعادنا بأداء أدوار متنوعة متفردة تنتقل خلالها بين الطبقات بيسر وعذوبة، فهى يتيمة فقيرة مرة، وهى سيدة القصر مرة، وهى عذراء عاشقة مرات، ثم أم معذبة لطفل مرات، ومع ذلك لم تمثل شخصية الأم لأكثر من طفل إلا فى أفلام قليلة جدًا، لكنى وقعت فى غواية المقارنة بين فيلمين من أفلامها الأخيرة، نظرًا لأنها تمثل دور الأم فى هذين الفيلمين لعدد كبير من الأبناء.

الفيلمان هما (يوم مر ويوم حلو) و(إمبراطورية ميم)، ذلك أن فاتن حمامة فى الفيلمين تلعب دور أرملة تورطت فى إعالة أبنائها وتربيتهم عقب رحيل الزوج، ولكن شتان بين الأرملتين!

الفيلم الأول أنجزه خيرى بشارة عام 1988، بينما أخرج (إمبراطورية ميم) بركات عام 1972. فى الأول تعيش فاتن وأبناؤها فى حارة منهكة منسية محشورة بين حوارى شبرا وشوارعها المكتظة، بينما فى الثانى تقطن فاتن وأولادها فيلا فاخرة من طابقين فى حى راق تحدق بها الأشجار. فى الأول تبدو فاتن سيدة أمية لا تعرف القراءة والكتابة وتكابد الأمرين فى الحصول على جنيه واحد كى تتمكن من تسديد ديونها والإنفاق على أبنائها وتجهيز البنت الكبرى للزواج. بينما فى الفيلم الثانى ترفل فاتن فى ثياب أنيقة وتتمتع بمنصب كبير فى الدولة، وتحت تصرفها سيارة فارهة يقودها سائق محترم ويتولى طاقم من الخدم شؤون البيت من تنظيف وطبخ وخلافه.

الفيلم الأول يعد صرخة إدانة ضد نظام حسنى مبارك، بينما الفيلم الثانى بمثابة شهادة فى حق نظام أنور السادات الذى كان فى أوله، أو بالأدق فى نظام عبدالناصر الذى رحل قبل عامين.

فى (يوم مر ويوم حلو) نتابع تفاصيل امرأة قهرها الزمن وأذلتها الحاجة، بينما نطل على متاعب المترفين فى (إمبراطورية ميم). ورغم أن فاتن فى 1972 كانت تبلغ 41 عامًا، إلا أنها فى (يوم مر...) كانت فى السابعة والخمسين، ومع ذلك، ظلت مشاعر الأمومة تسيل على الشاشة بتدفق جميل فى الحالتين.

فى الفيلم الأول لم تتذوق فاتن حلاوة الحب، بينما فى الثانى تأرجحت بين مشاعر الغرام نحو رجل الأعمال أحمد مظهر وبين التزاماتها تجاه أبنائها، لكنها لم تغلق الباب أبدًا فى وجه رسول الحب.

بدت فاتن فى الفيلم الأول مقطوعة من شجرة، لا قريب ولا حبيب، بينما فى (إمبراطورية ميم) تتمتع بوجود والدتها (دولت أبيض) وشقيقها، رغم أنه لم يظهر أبدًا.

فى (يوم مر...) شعرنا بالاختناق، فالكادرات ضيقة والشقة ضيقة والحارة ضيقة والغرفة ضيقة والأحلام ضيقة... كل شيء ضيق وموجع وبائس، أما الألوان فقاتمة وشاحبة، بينما فى (إمبراطورية ميم) فالفيلا واسعة والحديقة واسعة والنادى واسع وساحة الأهرام واسعة حيث تلتقى فاتن بأحمد مظهر... أما الألوان فطازجة ومبهجة.

فى الفيلم الأول تفتتت الأسرة وهرب الأبناء تحت سياط العوز والجهل، بينما فى الثانى تماسكت الأسرة وتعاضد أبناؤها وحققوا ذواتهم تحت مظلة أم ناجحة وجادة وثرية.

يبقى أن نشير إلى أن السيدة فاتن لعبت دور الأم فى أفلام كثيرة منذ الخمسينيات، لكنها كانت دومًا أما لطفل واحد فقط، بينما لم تمثل شخصية أرملة لديها أكثر من طفل إلا نادرًا جدًا، ففى (يوم مر ويوم حلو) كانت أمًا لخمسة أبناء، وفى (إمبراطورية ميم) ظهرت أمًا لستة أبناء.