هذا رأيي
تصريحات الرئيس السيسى خلال مؤتمر صحفى عقده مؤخرًا بالإسماعيلية، بمناسبة استئناف حركة الملاحة فى قناة السويس بعد تعويم السفينة الجائحة إيفر غيفن حول سد النهضة هى التصريحات الأقوى منذ بدء أزمة سد النهضة، وعبرت بجلاء عن حالة اليأس والملل من التعنت الإثيوبى فى الوصول إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
عشر سنوات من المفاوضات دون الوصول إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق مصر المائية كافية لوضع نهاية لحالة التمرد الإثيوبى والمراوغة فى الوصول لنقاط اتفاق تضمن حقوق مصر فى الحصول على حصتها والتى تقدر بـ٥٥.٥ مليار متر مكعب من المياه والتى أصبحت لا تكفى حاليًا تلبية احتياجات مصر من المياه.
تصريحات الرئيس السيسى كانت بردًا وسلامًا على قلوب المصريين، وجرس إنذار لإثيوبيا مفاده «إنما للصبر حدود يا».. تصريحات الرئيس السيسى وصفها المراقبون بأنها قد تكون التحذير الأخير لإثيوبيا التى تبدو عازمة على إنجاز المرحلة الثانية من ملء خزانات سد النهضة التى ستبدأ فى يوليو القادم دون أى اتفاق مع مصر والسودان كما حدث فى الملء الأول لخزان السد.
حقوقنا المائية خط أحمر قالها الرئيس وسمعها العالم فعلى الجميع خاصة إثيوبيا ومن يدعمها أن يدركوا جيدًا خطورة ما يصنعون، وأنهم بفعلتهم هذه سوف يجرون المنطقة إلى حالة عدم استقرار.
ما جاء فى تصريحات الرئيس رسائل واضحة وضوح الشمس فى نهار يوليو بان مصر ستلجأ إلى أى خيار تراه فى سبيل الحفاظ على حقوقها المائية وليكن ما يكن.
رفض إثيوبيا للوساطات الدولية وتشكيل لجنة رباعية محايدة للوصول إلى اتفاق منصف وعادل مفاده أن إثيوبيا تريد أن تستمر بالوساطة الأفريقية التى تدل شواهدها على مزيد من المراوغة الإثيوبية لتحقيق بغيتها من هذه المفاوضات وكسب الوقت للبدء فى الملء الثانى لخزان السد كما حدث فى تجربتها الأولى لملء خزان السد دون اتفاق مع دولتى المصب مصر والسودان.
دعونا نعترف بأن اتفاق المبادئ الذى وقع فى عام ٢٠١٥ به العديد من نقاط الضعف والغموض مما مكن إثيوبيا من استغلال هذه النقاط لصالحها وتفسيرها لبنود هذا الاتفاق حسب رؤيتها هى وفقط من أجل تنفيذ ما تريد.. إلغاء الاتفاق أصبح مطلبًا ضروريًا خاصة بعد أن وضحت نية إثيوبيا من استغلال هذه الثغرات بغية التحكم فى شريان الحياة لمصر والمصريين.
مصطفى النحاس رئيس حكومة الوفد قرر إلغاء اتفاقية ١٩٣٦ بعدما وجدت حكومة الوفد أن استمرار الالتزام بالاتفاق يضر بمصالح مصر وقال من أجل مصر وقعنا الاتفاق ومن أجل مصر نلغى هذه الاتفاقية وصدق البرلمان على ذلك.. اتقاق المبادى لم يحصل على موافقة البرلمان وبالتالى على البرلمان ان يتحمل مسئوليته بعد أن تكشفت الأمور ولم تتعامل إثيوبيا بنفس الروح التى تتعامل بها مصر فى التعاون المشترك وعدم الإضرار بمصر وحصتها المائية.
هذه اللهجة الصارمة الواجبة سياسيًا لا تعنى بالضرورة أنها الحرب ولكنها تحذر من الوصول إلى هذه الحالة، ونتمنى أن تعى إثيوبيا خطورة السياسة التى تتبعها فى مواجهة مصر والسودان بشأن مياه النهر، لكونها تعتمد على فرض الأمر الواقع وتتجاهل حقوق مصر والسودان، كما نتمنى أن تتراجع عن هذه السياسة وتوقع اتفاق ملزم مع مصر والسودان بشأن المرحلة الثانية لملء خزان السد، ومدد الملء، وإدارة السد أيضا، حتى لا تصل الأوضاع بالمنطقة إلى ما لا نتمناه جميعًا، وخاصة أن هذا الشريان من المنبع إلى المصب يدعو إلى النماء والسلام والعيش المشترك، وليس العكس.
أزمة سد النهضة الإثيوبى أمام منعطف «حاسم»، فى ظل عزم إثيوبيا على مباشرة الملء الثانى. على إثيوبيا أن تدرك أن للصبر حدودًا وتعى خطورة سياستها فى ملف سد النهضة وعلى العالم أن يتحرك حفاظًا على الأمن والسلم العالمى.