رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

معظم الباحثين لم يتوقفوا بالتحليل أمام واقعة اتهام سمية زوجة شداد لعنترة بمراودتها عن نفسها، والخبر كما بينا ذكره الجاحظ (159 255هـ)، وذكره من بعده بأكثر من خمسين سنة الأصفهانى (284 356هـ)، وأهمية خبر الأصفهانى فى أنه مسند، واسناده ينتهى إلى أبى عمرو الشيبانى(110 206هـ) النحوى وعالم اللغة الذى يعد من الثقات، وعرف بأنه صاحب ديوان اللغة والشعر، والذى جمع أشعار نيف وثمانين قبيلة، وقيل إنه كلما فرغ من أشعار قبيلة أخرجها إلى الناس فى مجلد وأودعه مسجد الكوفة. ومن تلاميذه الإمام أحمد بن حنبل: كان يلزم مجالسه ويكتب أماليه. وهو ما يعنى أن خبر تحرش عنترة بزوجة والده كان متواترا أيام الشيبانى، أى قبل ولادة الجاحظ بنصف قرن.

الباحثون كما ذكرنا لم يتوقفوا امام واقعة التحرش، وعدوها ضمن وقائع كيد النساء، وصبر عنترة وتحمله لصنوف العذاب، ولم يشكك أحدهم للحظة فى صحة الخبر، وإن كانت سمية او سهية صادقة؟، ولماذا اختلقت الواقعة إن كانت كاذبة؟

لكن الواضح من الخبرين (الجاحظ والأصفهانى) أن تحريض سمية ضد عنترة كان له مبرره، وهو انه راودها عن نفسها، وهو ما يستوجب القتل، لكن سيناريو الأحداث أشار إلى قيام شداد بضربه فقط، صحيح كان ضربا مبرحا لكن لم يقم بقتله حسب العرف، والمدهش أيضا فى الواقعة تعاطف سمية مع العبد الذى راودها، وذرفت دمع العين بسبب عنف وقسوة الضرب، ولم يتوقف تعاطفها عند الدموع، بل إنها انكبت على عنترة لكى تحميه، وكفت بالفعل شداد عنه، وهذا يعنى بالضرورة أنها لم تكن تحمل كراهية للعبد، وأنها لم تدع ضده لكى تتخلص منه حقدا وكرهية، بل أنها ربما كانت تحمل له عاطفة، هل كانت تحبه؟ هل أحبها عنترة خلال فترة مراهقته؟

الواقعة تشبه كثيرا واقعة تحرش زوجة العزيز بيوسف الصديق، وعندما صدها ورفض الاستسلام لها ادعت ضده، فهل سمية ادعت على عنترة بعد رفضه، هذا التشابه لا يقف بنا عند التفتيش فى نوايا سمية، بل يسوقنا إلى التشكيك فى الخبر، وفى الفترة الزمنية التى ذكر فيها، ربما اختلقه بعض الاخباريين فى العصر الأموى أو العباسى امعانا فى تجميل صورة عنترة، والتأكيد على سمو أخلاق الفارس المغوار، فلم يجدوا لتجميل صورته وسمو أخلاقه لدى العامة أفضل من واقعة يوسف الصديق وامرأة العزيز.

هذه الواقعة تدخلنا إلى متاهة من الظنون، ربما كانت سمية صادقة فى ادعائها، وربما كانت مغرمة بعنترة، وربما ادعت مراودته لعدم تقديره لها بالقدر الذى تراه أو لعدم تنفيذه لأوامرها بصدر رحب، وربما أحبها عنترة خلال فترة مراهقته، وربما وهو الأقرب للصورة الشعبية للفارس النبيل اختلاق الإخباريين للواقعة.

[email protected]