رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

بعد صراع علمى حاد مع الماء والخشب نجح الأكفاء من المهندسين والعمال المصريين فى زحزحة السفينة الجانحة «إيفر جرين» فى قناة السويس وإعادة تعويمها بعد قرابة أسبوع من إغلاق القناة وتعطل شريان مؤثر فى التجارة العالمية (نحو 12% من التجارة العالمية يمر عبر القناة). ولأن القناة تحتل أكرم ركن فى وجدان المصريين، فتعالوا نطل سريعًا على أهم الأفلام التى تناولت قناة السويس والطريقة التى ظهر بها هذا التناول، باعتبار أن السينما مرآة لعصر وزمن ومجتمع.

فى عام 1957 قرر فريد شوقى إنتاج فيلم يرصد العدوان الثلاثى على مصر بعد تأميم قناة السويس، وتولى عز الدين ذوالفقار إخراج الفيلم الذى أطلق عليه اسم المدينة الباسلة (بور سعيد)، ولعب الأدوار الرئيسية هدى سلطان وشكرى سرحان وليلى فوزى وفريد شوقى بطبيعة الحال، وفى هذا الفيلم سمعنا للمرة الأولى صوت جمال عبد الناصر وهو يؤمم القناة!

مرة أخرى يستدعى المخرج بركات صوت الزعيم وهو يعلن تأميم القناة فى فيلم (الباب المفتوح/ 1963)، المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه كتبتها لطيفة الزيات، وأنت تعرف أن هذا الفيلم لعب بطولته كل من السيدة خالدة الذكر فاتن حمامة وحسن يوسف ومحمود مرسى ولاعب الكرة الشهير صالح سليم، وهو فيلم متميز فنيا بالقياس لفيلم (بورسعيد) المتواضع القيمة على المستوى الفنى.

إذا كانت السينما قد احتفلت باسترداد القناة التى حفرها المصريون، وذاقوا فى سبيل ذلك الضيم والمذلة، وقضى نحو عشرين ألفا منهم نحبهم فى عملية الحفر، فإنها لم تنتبه إلى هذه المأساة الموجعة التى دامت عشر سنوات كاملة من 1859/ 1869 إلا فى سنة 1978 عندما أقدم على بدرخان على إنجاز فيلم (شفيقة ومتولي/ 1978)، الذى كتب قصته وحواره صلاح جاهين، ولعب أحمد زكى دور شاب صعيدى شارك فى حفر قناة السويس، تاركا شقيقته سعاد حسنى تكابد الأمرين مع الأشرار الذين حكموا البلد فى ذلك الزمن البعيد.

الفيلم مصنوع بشكل لا بأس به، لكنه بالتأكيد لا يرقى إلى مستوى فيلم (ناصر 56) لمحمد فاضل بعد ذلك بنحو 17 سنة.

هكذا إذن لم يعرف الجيل الذى تفتح وعيه فى عهد السادات والأعوام العشرة التى تلته شيئا عن القناة والشعب ومعركة استردادها من قبل المستعمر، حتى قرر محفوظ عبد الرحمن إعادة الاعتبار للذين ضحوا وكتبوا ملحمة تأميم القناة، وتفنن المخرج محمد فاضل فى إنجاز هذه الملحمة فى فيلم بالغ التشويق والإثارة والمتعة، وأعنى فيلم (ناصر 56)، ومن عجب أن أحمد زكى الذى حفر القناة فى (شفيقة ومتولي)، هو الذى تجرأ وأصدر قرارًا بتأميمها عندما لعب دور جمال عبد الناصر فى فيلم (ناصر 56). وقد وفق المخرج عندما أصر على تصوير الفيلم كله بالأبيض والأسود حتى تتعايش المشاهد مع الزمن الذى دارت فيه معركة تأميم القناة.

هذه بإيجاز شديد قصة قناة السويس فى السينما، مرفوقة بأهم الأفلام التى رصدت الوقائع البارزة فى تاريخ القناة، لكنها قصة لم تكتمل بعد، فمازال حفر القناة وتأميمها وإغلاقها ثم افتتاحها يحمل حكايات وأساطير تستحق أن نراها على الشاشة، أما قصة السفينة الجانحة والمعركة الشرسة مع الماء والخشب والرياح التى استمرت نحو أسبوع، فهى بحاجة إلى صناعة فيلم جيد يتناول هذه الواقعة التى شغلت العالم كله وجعلته يقف على قدم واحدة مراقبًا كفاح العلم والإرادة والتصميم من أجل لحلحة السفينة العملاقة وإفاقتها من السكتة البحرية التى ألمت بها.

أجل... ما أحوجنا إلى هذا الفيلم لتعرف الأجيال المتعاقبة عبقرية المصريين وعظمتهم.