حديث الأولويات، وترتيب الأولويات، وثنائية الحجر والبشر، والبشر أولاً، كلها معدلات جدلية طفت على السطح مع توالى منجزات البناء المؤسسى للجمهورية الجديدة، وهذا جيد وصحى تماماً.
معلوم ما كان هذا الحديث ليصح لولا أن هناك ما ينجز على الأرض، الحمد لله أن حديث الأولويات يجرى ونحن نسابق الزمن لإنجاز ما فاتنا فى عقود خلت، نتحدث بنفس اللغة فى حديث الأولويات، مدينة الدواء العالمية بالخانكة، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأدوية، فى قمة الأولويات، الدواء والغذاء كالماء والهواء.
الغذاء أولوية ولن نكرر حديثاً مكروراً، من خطط واعدة مجسدة فى مشروعات زراعية وحيوانية وسمكية، حتى الزهور التى تنتج العطور، لن نكرر حديث مشروع المليون ونصف المليون فدان، ولا الدلتا الجديدة.
لن نكرر الحديث المكرور عن الخروج من الوادى الضيق بـ١٤ مدينة، وعاصمة ومدن سياحية وصناعية، ولن نكرر الحديث المكرور عن شبكة الطرق الحديثة المتطورة، ولا عن سكك حديد الجمهورية الجديدة، ولا عن ١٨١ مليار جنيه لإعمار وتحديث السكك القديمة.
لن نكرر الحديث المكرور عن أنفاق قناة السويس، ولا عن محور قناة السويس، ولا عن قناة السويس الجديدة، لن نكرر حديثاً مكروراً عن القاهرة الجديدة بقاهرتها الخديوية والتاريخية، وتخليصها من العشوائيات، وإعادة الوجه الحضارى للعاصمة العريقة، أحيلك إلى مشروع الأسمرات، وأهالينا، ووو.. من مشروعات الغلابة، ولزيارة متحفين تكلفا المليارات «المتحف الكبير بالأهرامات ومتحف الحضارة فى الفسطاط» لدفق الدماء الحارة فى عروق السياحة المصرية.
لن نتحدث عن شبكة الموانئ والمطارات الجديدة، ومنها مطاران لخدمة القاهرة فى نطاقها الجغرافى، لن نكرر حديثاً مكروراً عن تحديث صناعات الغزل والنسبج والبتروكيماويات والرخام، ومن قبيل الحكى المكرور حديث محطات الكهرباء العملاقة، وننتظر تباشير العملاق النووى فى الضبعة.
لن نكرر ما هو مكرور من تحديث وعصرنة القوات المسلحة المصرية، هذا بمناسبة حديث الأولويات، لن نتحدث عن أسطولين بحريين حديثين متكاملين، لن نتحدث عن تحديث القوات الجوية بأحدث طرز الطائرات من أحدث الترسانات العسكرية العالمية، ومن قبيل الحديث المكرور إنشاء قاعدتين عسكريتين «محمد نجيب غرباً، وبرنيس جنوباً».. وهلم جرا.. الجيش المصرى مصنف عالمياً «راجع التصنيفات العالمية العسكرية المتخصصة دليل على ما نقول».
عندما تتحدث عن الأولويات تذكر أن هذا الحديث المكرور عن هذه المشروعات يدخل فى باب الأولويات متوازياً، مع مشروع «حياة كريمة» للقرية المصرية، تكلفته نصف تريليون جنيه، وعن تبطين الترع التى لم تمتد إليها يد منذ أيام محمد على بكلفة ١٥ مليار جنيه.
لن أحدثك حديثاً مكروراً عن المبادرات الصحية، ولا عن علاج ما يزيد على مليونى مريض بفيروس «سى» والكفالة العلاجية المستدامة لمرضى فيروس «بى»، ولا عن مبادرة ١٠٠ مليون صحة، وحتى لا ترهق من الحديث المكرور نوجز فقط فى الحديث عما هو ظاهر يراه الناس ويؤثر فى تحسين جودة الحياة، وما خفى عن الأعين لأسباب الأمن القومى ضخم وعظيم وكل طلعة صباح يفصح عن نفسه.
قبل تدشين «مدينة الدواء» فى الخانكة، هل كان أحدهم يعرف مخطط الاكتفاء الذاتى من الدواء ومشتقات البلازما تصنيعاً، وكم تكلف هذا الصرح العملاق، الخانكة موئل دار الخانكة للأمراض النفسية والعصبية، ستحمل اسم مدينة الدواء، حديث الأولويات يصح عندما يغيب المخطط العام للجمهورية الجديدة، اعلم أن المخطط لم يتم تسويقه جيداً، ولكن ما يظهر منه مثل قمة الجبل، الباقى لا يزال مخفياً لأسباب الأمن القومى.
هل أتاكم حديث وكالة الفضاء، وتصنيع قمر صناعى مصرى، هل أتاكم حديث تصنيع قطارات مترو الأنفاق والسكك الحديدية، والجرارات الزراعية، هل أتاكم حديث تصدير الغاز المسال إلى أوكرانيا بعد أوروبا غرباً، وجنوب المتوسط، هل أتاكم حديث الاكتشافات الغازية والبترولية؟
لن أتحدث عن الجامعات الجديدة الحديثة، ولا عن المستشفيات والفصول الدراسية، ولا عن المدارس المهنية كمدرسة الذهب، لن أحدثكم حديثاً مكروراً عن رقمنة التعليم والخدمات الحكومية، وتحديث أسطول النقل العام بل والخاص باستبدال السيارات الخاصة القديمة بأخرى حديثة وإدخال السيارات الكهربية بعد نجاح تسيير السيارات بالغاز.
إذن، أين يصح حديث الأولويات، فى موضعه على خريطة المخطط العام للجمهورية الجديدة، جلد الذات بحديث الأولويات متلازمة يستوجب الإقلاع عنها، لبانة يستوجب لفظها من الحديث العام.
افرد الخريطة وعَلّم على مساحة مصر، هل هناك شبر ليس فيها مشروع، حتى البركة، «بركة غليون» صارت أهم مزرعة أسماك، حتى «تل العقارب» أصبح «روضة السيدة»، مدن الموتى صارت فى ذمة التاريخ.
مخطط المدن الجديدة، من رفح شرقاً إلى غرب أسيوط، حواضر مهمة نسيها الزمان تعود إلى الحياة مجدداً، هذا حدث ويحدث، فقط نذكر أصحاب الأجندات المتوارين خلف حديث الأولويات، معلوم صعب الإقلاع عن التدخين فى الهواء نفس صعوبة الإقلاع عن حديث الأولويات كالدخان فى الهواء.