رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

 

 

 

قبل أن أدون سطورى هذه والتى أكتبها بدموعى تحضرنى كلمات الشاعر الرائع حسين السيد التى يقول مطلعها «غلاب يا حكم القدر مالناش معاك حيلة والحكم عند القدر دايماً مالوش حيلة أيوا لازم نفترق»، تلك الأغنية التى شدت بها الراحلة وردة الجزائرية وعلى الرغم من أنها قصيدة قد تبدو عاطفية ولكنها عن الفراق وهو ما أعنيه فى زاويتى هذه المرة، فمنذ أن بدأت تلك الجائحة المسماة كورونا تجتاح العالم وتنهش أجساد وحصدت ملايين الأرواح على المستوى العالمى والمحلى وتغيرت معها خريطة التقاليد والمناسبات الاجتماعية وحتى الدينية.

 مناسبات عديدة حتى فى صلة الرحم تغيرت بسببها خريطة الاجتماعيات وليس ذلك فحسب بل والحياة المجتمعية أيضاً، لتقضى تلك الجائحة على طقوس وتقاليد ظلت راسخة فى المجتمعات لقرون عدة، فهى حقاً جائحة نائحة.

لقد أجبرتنا تلك الجائحة على قتل مشاعرنا تجاه الاخرين فى افراحهم وأحزانهم حتى اقاربنا من الدرجة الاولى وأصبحنا نرى ذلك واضحاً وجلياً فى مناسبات عديدة تخيلوا أننا اصبحنا نفتقد الكثيرمن أقاربنا ومعارفنا بل وأحبتنا من الدرجة الأولى دون أن نحظى بفرصة خروجهم من المستشفى أو استقبالهم فى المطار دون توديعهم.على الرغم أن حياة الدفء العاطفى والأسرى كانت تملأ الحياة. بل أصبح معظمنا لا يستطيع الصلاة عليهم سواء بالمسجد أو الكنيسة أو حتى إقامة سرادق عزاء. ولا يسمح بزيارة المريض نهائياً اثناء العزل سواء فى منزله او بالمستشفى.

بل شاهدنا الآلاف لا يستطيعون مصاحبة سيارة الاسعاف وهى تحمل فلذات اكبادهم للمستشفى. ويفارق كل منهما الاخر بدموع الفراق وإن عاد المريض فتلك هى المعجزة الالهية. بل ويفرض عليك بعدها عزل نفسك عن الآخرين تجنباً لاحتمال نقل الفيروس اليك من اعز الناس اليك لتتحول المصيبة إلى قلق ورعب وهلع على نفسك وعلى من معك، فهذا فى الواقع عايشته بنفسى فقد اصبت بتلك الجائحة فى نفسى واسرتى ومات لنا من الاهل والاصدقاء بسببها ايضا ولم نستطع ان نسير خلف جنازتهم, أو إلقاء نظرة الوداع، أى النظرة الأخيرة عليهم، حتى أصبحنا لا نستطيع أن نضع لمسة حانية على جسدهم الذى ظل يحتضنا فى السراء والضراء وفى أوقات خوفنا وأوقات سعادتنا. لكنه حكم القدر. كما عايشت مأساة أخرى شلت كل تفكيرى عن اى تصرف كان عندما توفى الصحفى الكبير عباس الطرابيلى، رئيس تحرير الوفد الأسبق، وأحد أعمدة تأسيسها اتصلت بابنته الدكتورة عزة لأعزيها وأواسيها فى وفاة والدها، الذى كان لها بمثابة الحياة، وكانت تصاحبه فى جميع رحلات علاجه رغم أنها زوجة وأم، لكنها لا تبارحه أبداً، حتى عندما اشتدت عليه الجائحة وكشرت عن أنيابها وكان لازماً أن يُنقل للمستشفى قامت هى بنقله وكانت ذكية جداً فقد أخذت تليفونه الشخصى لتتابع محبيه وتطمئنهم وترد على اتصالاتهم وكنت أحد هؤلاء. وعادت لبيت والدها بدونه هذه المرة ولم تره بعد ذلك ولم تتمكن من وداعه وتحاملت على نفسها لمتابعة والدتها التى اصيبت بالفيروس ايضا لتنقلها هى الأخرى بجوار والدها وتعود تلك المرة مصابة هى الأخرى بذات الفيروس وعندما هاتفتها لتعزيتها وجدتها تصرخ وتنهار وهى مصابة وكأنها تريد تمزيق القيود والحواجز لتخرج لوالدها تريد ان تقبله تشاهده وتحتضنه كل ذلك قالته عبر الهاتف لى بصوت صارخ يملؤه الحزن والفقد والضياع ولمَ لا وهو مصدر الحنان لها والحنية والسند لتصرخ لى حبسونى حابسينى يا نجوى أسرتها أغلقت عليها الأبواب حتى لا تخرج للجنازة وهى معزولة،ظلت تصرخ عايزة أخرج بصوت يملؤه الفقد والفقدان والضياع واللوعة المختلطة بحرقة الفقد حتى شعرت ان قواها خارت من ذلك ,ولمَ لا وفقيدها هو الاب والاستاذ وكل شىء بالنسبة لها. اخذت احاول تهدئة روعها بقراءة بعض آيات القرآن والأدعية وللحق امتثلت وهدأت وتابعتها فى تلك الليلة العصيبة حتى خلدت للنوم. وكان شعورها هذا نفس شعورى فلم استطع الذهاب لجنازته وهو استاذنا ورفض الطبيب ان اذهب لأى جنازة حتى للاقارب.

إنها مصيبة كل بيت فى مصر بل والعالم أجمع ففى كل بيت تجد ما بين مصابين ومخالطين وفقد عزيز او حبيب بين الحين والاخر واصيبت بذلك الفيروس اثناء خدمتها لوالديها فنعم الأب ونعم الابنة وهى نفس رحلة كفاحى مع أسرتى، فهو اختبار القدر والحكم عند القدر دايما مالوش حيلة. رحم الله الراحلون وأبعد عنا جميعاً هذا الوباء والبلاء وألهمنا الصبر على فراق الأحبة اللهم آمين يا رب.