رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

 

 

لم أكن أدرى أن حوارى معه كان الأخير، وأن الموعد الذى طلبت منه تحديده للقائه لكى أزوره فى منزله الذى يبعد عن جريدة الوفد بضعة أمتار لن يتم. فقد رحل عباس الطرابيلى الكاتب الصحفى ورئيس تحرير الوفد الأسبق عن دنيانا وسط أحزان تلاميذه الذين تربوا على يديه فى الوفد وغيره. عندما حادثته لتحديد الموعد راح يطلب منى تأجيل اللقاء حتى تنتهى موجة كورونا وتهدأ الأجواء. بروحه المرحة راح يقول لى: انا ما بحبش الكورونا دى لكن (بحب آكلها فقط) يا ست نجوى أفندى كما كان يحلو له ان ينادينى منذ دخولى الوفد فى بدايات الوفد اليومى حيث كان يردد امام الجميع: نجوى دى أرجل راجل.

 كنت أتبادل مع رفيقة دربه التى لم تفارقه يوما الحوار خاصة اذا وجهت له سؤالاً عن الاكل وطهيه. كان آخر حوار بينى وبينه عبر الهاتف فى قضايا شتى وودعته هو وزوجته السيدة فريال بعد حديث طويل تحدثت مع استاذى الصحفى الموسوعة صندوق الاسرار للجميع، ولم أشعر بأنه الحديث الأخير مع أحد اعمدة الصحيفة وأحد كتيبة تاسيسها ولم أدر أن القدر كان يقف لنا بالمرصاد وأن ما تم تحديده من موعد لاستكمال الحوار لم ولن يتم حقاً. إنه القدر.

لن أنسى أننى كنت عندما أحتاج لأى معلومة الجأ لاخى الكبيرالذى يكبرنى بعدة أشهر، أو استاذى عباس الطرابيلى فهما بنك المعلومات الحقة. رأيت فيه اول دمياطى كريم فى معلوماته فعندما أوجه سؤالاً له ينسى نفسه انه صحفى ولا يبخل بمعلوماته مثلما يفعل البعض بل يجيب عن السؤال باستفاضة ويزيد عليه بمعلومات كثيرة جداً، ففى الفن موسوعة، وفى السياسة هو السياسى، وفى التاريخ يعيد الذاكرة لعقل من أمامه.

كان اقرب شىْء لقلبه فى التاريخ هو قصة حياة الأسرة العلوية وكان المحبب فيها إلى قلبه الخديو إسماعيل فقد كان يحب ذكره وكان يرى فيه الامتداد الرائع لمحمد على الكبير رائد نهضة مصر الحديثة. وعندما أذيع مسلسل تناول قصة الخديو اسماعيل راح يؤكد لنا ان به اخطاء كثيرة ومعلومات مغلوطة فكان سؤالى الطبيعى له: لماذا لا تكتب انت مسلسلاً عن حياته وأنت خير من يعرف تاريخه؟ فيرد بقوله لى إن أمهلنى القدر سوف أفعل ذلك.

فى حديثى الأخير معه والذى تطرق لقضايا شتى انتقلنا لسد النهضة وقلت له بالحرف الواحد هل هانعطش؟ قال بعد استعادته ذكرياته لزيارة دول منابع النيل أبداً لن تعطش مصر أبداً. وعلى الرغم من توغل النت فى عقول البشر الا ان الاستاذ عباس الطرابيلى كان يؤمن باهمية القراءة فى الصحف والكتب.

ومن شدة عشقه للقراءة لم يكف عن إعادة طبع كتبه حتى فى اواخر أيامه وتقدم سنه. وإلى جانب هذا الكتاب فقد أثرى الراحل الحياة الثقافية بالعديد من الكتب، منها كتابه عن القاهرة المحروسة، وغرائب الرحلات والأكلات والأسماء، وكان يفتخر بتاريخه الصحفى ولمَ لا وهو أول من أسهم عام 1972 فى إنشاء أول صحيفة يومية بدولة الإمارات العربية المتحدة، كما أسهم فى إنشاء أول صحيفة أسبوعية معارضة عن حزب الوفد عام 1984 ثم أنشأ جريدة الوفد اليومية عام 1987 إلى أن أصبح رئيسًا لتحريرهما لمدة تزيد على عشر سنوات، محترفاً الصحافة فى عصرها الذهبى.

 رحم الله استاذنا الكبير عباس الطرابيلى الذى استشهد على يد كورونا التى غيبته عن الحياة وعن عالمنا وعلى الرغم من ذلك سيظل اسمه محفوراً فى ذاكرة تلاميذه وسنظل نذكره ونتذكر قفشاته ونصائحه لنا وطيبته وتشجيعه لمن يراه محباً ومجوّداً لعمله.