حكاية وطن
رغم العشوائيات التى تسببت فيها المحليات، إلا أننى مضطر إلى توجيه التحية إلى اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة على الجهود المشكورة التى تبذلها أجهزة المحافظة فى تطوير بعض المناطق التى تحتاج إلى تدخل لإعادة الرونق الذى أفسدته المحليات الفاسدة، وأخص ما يتم من تطوير لكورنيش النيل فى منطقة العجوزة وفى شارع سليمان جوهر بالدقى لإعادة هيبة الدولة فى هذه المناطق التى ظلت سنوات طويلة تخرج لسانها للقانون بمساعدة موظفين معدومى الضمير تقاضوا مقابل تشويه أرقى مناطق مصر.
المحليات وما أدراك ما المحليات، وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإن الخبر الذى يشبه النكتة عن إقالة مهندسة التنظيم فى حى كفر شكر بالقليوبية لإطلاقها أسماء زوجها وعائلته وشقيقها على شوارع بالمدينة، وقد حدث معى عندما توجهت للشكوى ضد المقاول الذى قام بتأجير شقتى لشخص آخر، واكتشفت أن اسمه يطلق على الشارع الذى تقع فيه الشقة محل الشكوى، وإننى أحمل اسم هذا الشخص المفترى المزور الذى يؤجر الشقة مرتين فى بطاقتى الشخصية، وكانت حكاية وقتها.
والجيزة التى تعتبر ثانى محافظة فى الترتيب بعد القاهرة عاصرت محافظاً سمح لأحد المواطنين بالبناء فى الشارع، نعم فى وسط شارع بإمبابة أقام المواطن محلاً من عدة أدوار ونصحه صديقه المحافظ بأن ينحت على واجهة المبنى صورة «مبارك» حتى لا يتعرض المبنى للإزالة، وأزيل المبنى بعد الفضيحة وأزيل معها المحافظ من منصبه، ولكن أوحى هذا المواطن للعديد من المخالفين بإنشاء مساجد فى الأدوار الأرضية أو الأخيرة من المبانى المخالفة للتحايل على قرارات الإزالة، حتى لا يقال إن الحى يزيل بيوت الله!
وإذا كان الشرف الرفيع لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم، فإن شرف المحليات بدأ يتحرر ببطء من وصمة العار التى تلاحقه عبر الأزمنة المختلفة التى شهدت دخول معظم رؤساء الأحياء إلى السجن بتهمة الرشاوى مقابل إغماض العين عن المبانى العشوائية، وإذا خطفت رجليك إلى كورنيش النيل فى منطقة العجوزة تقابلك الدولة القوية وهى تحرر النيل من العدوان عليه بإقامة منشآت عشوائية، سدت رؤية صفحة نهر النيل الخالد عن المارة فى اتجاه إمبابة، أجهزة محافظة الجيزة بقيادة المحافظ الجرىء أزالت كل المبانى العشوائية التى أقيمت بالذراع والرشاى، وتمت توسعة الشارع وإتاحة نهر النيل لجميع فئات الشعب المارة على الكورنيش للاستمتاع به، ورؤية حى الزمالك وأنت واقف على الكورنيش أو جالس على المصاطب، أو مستقلاً المواصلات لكن يحضرنى سؤال عن نادى الزمالك النهرى إحدى المنشآت الذى تمت إزالتها رغم مرور فترة بسيطة على إنشائه، فمن الذى وافق على الإنشاء ولماذا لا يحاسب المسئول الذى أغمض عينه على حجب نهر النيل بهذا الكيان أو غيره.
ما علينا، فهناك الأهم وهو شارع سليمان جوهر بالدقى ورغم غضبى من المحليات إلا أن التحية موصولة لمحافظ الجيزة الذى رد الاعتبار للشارع وسكانه، فشارع سليمان جوهر ممتد من وزارة الزراعة إلى شارع التحرير، ويتوسطه ميدان سليمان جوهر وهو من الشوارع الرئيسية الشهيرة فى حى الدقى، هذا الشارع سيطر عليه البلطجية والباعة الجائلون بالقوة، ومنذ فترة قيل إن زوجة أحد المسئولين تعرضت للسب من أحد البائعين أثناء قيامها بالتسوق، وخرجت حملة من محافظة الجيزة وطردت الباعة الجائلين، ولكنهم عادوا بعد فترة فى ظل جائحة كورونا.
وأنا كاتب هذه السطور كنت أقيم بالقرب من شارع سليمان جوهر، وتعاملت مع معظم الباعة فيه، وللأسف أخلاق باعة إمبابة أفضل من الباعة الجائلين فى سليمان جوهر وأسعارهم أفضل، ولكن الأخطر أن الشارع حالياً يشهد عملية تطوير شديدة لرد اعتبار السكان بعد أن تبين إنشاء محلات كاملة أسفل بلكونات الدور الأرضى وسرحت على الشارع، ويا للهول عندما تكتشف أن مخبزاً بلدياً بالكامل أقيم فى شارع عن ناصيتين إحداهما شارع سليمان جوهر الرئيسى، كما أقيمت محلات فى المدخل الرئيسى لإحدى الفيلل ولم يكتشفها المارة إلا بعد إزالة المحلات والفيلا خالية من السكان تقريباً أصحابها مسافرون أو مهاجرون، فكيف تسمح المحليات بإقامة محلات على طول الفيلا فى الشارع وتغلق مدخلها، محلات سليمان جوهر كارثة، والعتب على النظر فلم أكتشف وأنا أستخدم هذا الشارع يومياً كل هذا العدوان الذى تحمله السكان وتحمله أشهر شوارع حى الدقى.
مداخن المخابز والمطاعم تقذف دخانها على سكان الشارع، وبروز المحلات يضاعف من تشويه الشارع مع أصوات الباعة الجائلين، المار من سليمان جوهر حالياً لن يستطيع التعرف على المحلات التى أزيلت ورجعت خطوات للخلف، ومعظمها لا يستطيع مزاولة نشاطه فى المساحة الجديدة، رد اعتبار الشارع وكرامة السكان وهيبة الدولة أهم من أى بلطجة، برافو محافظ الجيزة ولكن لابد من مساءلة جميع رؤساء حى الدقى وحى العجوزة السابقين الذين تجاهلوا التصدى لهذا العدوان على نهر النيل وعلى سكان شارع سليمان جوهر.
وأقترح على محافظ الجيزة أن يحتفظ بصور لشارع سليمان جوهر قبل إزالة العدوان عليه وبعدها ويقيم لها معرضاً، لتعرف الأجيال القادمة التى ستقيم فى هذا الشارع أو التى تسير فيه كيف كان وكيف أصبح، المهم ألا يعود الشارع إلى ما كان عليه من سوء ونقول عادت ريما إلى طريقتها القديمة، مطلوب تطبيق خطة أحمد راشد فى شوارع عديدة فى مصر، تحولت إلى مأوى للبلطجية والباعة والسريحة الذين ينتهكون حرمات السكان بإطلالتهم العشوائية، واحتكارهم البيع والشراء، وللعدل مطلوب إقامة أسواق للباعة الجائلين حفاظاً على لقمة عيشهم ومصدر رزقهم لكن سليمان جوهر الذى لا أعرفه وبحثت عنه فى كل القواميس كان شارعه نموذجاً سيئاً وسبة فى جبين الإدارة المحلية عندما تقام محلات فى الشارع، وفى مداخل العمارات بهذه الطريقة التى كشف عنها «بلدوزر» محافظة الجيزة. برافو «راشد» ومرافق الجيزة التى حررت كورنيش النيل من العدوان على النيل وجعلت الاستمتاع به حقاً للجميع.
كورنيش النيل فى شبرا والمعادى وعلى طول امتداده فى المدن لابد أن يستفيد من تجربة «راشد» ولن نتجاهل ما يتم من تطوير فى إمبابة، ونطالب بتعميم خطته فى كل المحافظات لرد الاعتبار للشوارع وإعادة الوجه الحضارى واحترام حقوق السكان وخصوصياتهم وكرامتهم.