عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

قبل 47 عامًا، وتحديدًا فى 18 ديسمبر 1973، اعتمدت الأمم المتحدة، «العربية» لغة رسمية عالمية، رغم كونها «الأقدم» و«الأم» لجميع اللغات «الحيَّة» و«السامية» التى وُجدت على الأرض، منذ بدء الخليقة.

ورغم ترتيبها الرابع عالميًا، ويتحدث بلسانها أكثر من 300 مليون إنسان، إلا أنها تظل الأوسع انتشارًا.. ولذلك وصفها مستشرقون بأنها «مثل فينوس، ولدت كاملة الجمال، واحتفظت بجمالها وكمالها، مع تعاقب الأزمان وتطاول الخطوب».

«اللغة» هى ثروة إنسانية فريدة، كالبصمة تمامًا، ولم تكن يومًا مجرد كلمات للتواصل والتفاعل فقط.. فهى بمعناها الأشمل والأوسع تُجَسِّدُ حضارةً وثقافةً وفكرًا وتطورًا، كما أنها الطريق المختصرة للإنجاز والإبداع فى المحافل الإنسانية كافة.

لكن «العربية» تتميز بخصوصية لا مثيل لها عن باقى الألسن، لأنها تحوى العديد من الأساليب اللغوية والشفهية والمكتوبة، إضافة إلى تنوعها الفنى فى الشعر والنثر، وكذلك فى خطوط الكتابة، مع قدرتها الفائقة على نقل العلوم والمعارف من مختلف اللغات والحضارات، مع إمكانية التحاور بها كلغة.

ورغم تنوع أنماطها ومفاهيمها تبعًا للسياق الذى يتم استخدامها به، إلا أن «لغة الضاد» أصبحت الآن فى خطر حقيقى، يُحَتِّم علينا إعادة الاعتبار لها، بعد أن بات الكثيرون يعاملونها باحتقار وازدراء طبقي!

نعتقد أنه لا هوية وطنية، أو فكر وإبداع ووعى من دون لغة، لكن المؤسف أنه حيثما تُوَلِّى وجهك، تجد استخدامًا مُفْرِطًا لكلمات ومسميات «أجنبية»، فى اللوحات الإعلانية وأسماء الشوارع والمحال التجارية، تحت وطأة «الموضة» والانجرار وراء الاستغراب، إضافة إلى أشكال «هجينة» مستشرية فى المنطوق والمكتوب.

ما وصل إليه الحال، جعلنا نعتقد أن ثمة رغبة «غير معلنة» لإهمال اللغة العربية والابتعاد عنها، أو استخدامها بما لا يليق بأمومتها من احترام وتقدير ورعاية، سواء أكان باستعمالها، أو توظيفها «ثقافيًا وتعليميًا وإعلاميا».

لقد أصبح تفضيل اللغات الأخرى واقعًا مريرًا خلال العقود الأخيرة، نظرًا لكونها تختص بالعلم والتكنولوجيا والتطور والتخصص.. أما «العربية» فستظل تصارع عثراتها وأزماتها فى عقر دارها، وتزداد معاناتها بابتعاد أبنائها وإهمالهم لها!

يمكننا رصد محنة اللغة العربية فى مؤسساتنا التعليمية والإعلامية.. وحتى الثقافية، لتعبر بوضوح عن عقولٍ لا تُقَدِّر أو تحترم اللسان العربى، رغم أنها تُجَسِّد انتماءً لهوية حضارية وتاريخية واحدة!

ورغم قناعاتنا بأن تعلم اللغات الأجنبية «فريضة» فى «زمن العولمة»، لكن ذلك لا يكون أبدًا مهما كانت المبررات على حساب لغتنا، لأن النتيجة ستكون تخريج أجيالٍ لا تُحْسِنُ «العربية» ولا تُتْقِنُ «الأجنبية» التى لهثت خلفها لسنوات.

لعل أكثر ما يدعو للأسى، هو الابتعاد التدريجى لأبناء «العربية»، وتفاخرهم وانجذابهم للتغريب، مع عجزهم عن مواكبة لغتهم بشكل سليم، واعتبار لغتهم الأم أدنى مرتبة من اللغات الأخرى، التى بات التحدث بها دليلًا على الرقى والتباهي.

نعتقد أن «العربية» الآن أصبحت «غريبة» فى أوطانها، منذ أن انتكس العرب، وأصبحوا يعيشون على الهامش.. لا يملكون غذاءهم ودواءهم وسلاحهم، حتى باتوا يستوردون النظريات والأفكار والثقافة.. مثل البضائع والسلع!!

أخيرا.. حتى لا نذوب فى الأمم الأخرى وتضيع هويتنا، نتساءل بصدق: مَن يتحمل مسئولية ابتعادنا عن «العربية»، والاستعاضة بلغات أجنبية كبديلٍ عصري.. ومَن المسئول عن إضعافها فى مجتمعاتها وبيئتها؟

فصل الخطاب:

اللغة تَرْقَى بقدرِ رُقيِّنا، وتنهضُ بمقدارِ ما ينهض الناطقون بها.. ولكم فى اليابان وألمانيا أسوة حسنة.

[email protected]