عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

جدل واسع شغل الرأى العام المصرى بسبب عدة مقاطع فيديو لطفل لم يتجاوز 15 عاما يرتكب مجموعة من المخالفات المرورية والأخلاقية منها قيادة سيارة دون رخصة وصغر سنه وتهكمه وتعديه لفظيا على رجال المرور فى منطقة البساتين فى القاهرة، مستغلا أن والده يعمل فى وظيفة قضائية.

وتبرز تلك  الواقعة وغيرها ضرورة استعادة قيم المجتمع المصرى التى غاب بعضها، حيث إن مدخلات القيم الغريبة على مجتمعنا هى السبب فى تلك الوقائع المشينة، وهناك الكثير من النماذج مثل طفل المرور وجميعها نماذج غير سوية تدق ناقوس الخطر وتسترعى الانتباه لأجيال كاملة قادمة.

 ولمزيد من مواجهة أنفسنا يجب علينا جميعا أن نعترف، ولا ندفن رؤوسنا فى الرمال،  أننا نشاهد يوميا مئات من أطفال المرور وأطفال المهرجانات، والأمر يحتاج منا تضافر جهود كافة مؤسسات الدولة والأسرة والمدرسة والجامعة فجميعنا مسئولون وشركاء فى الأمر نتيجة لعدم احتواء الأسرة للأبناء، وهذا الاختلال فى القيم تسبب فى ظهور طبقة تصدرت المشهد لتبدو تصرفاتها وكأنها النموذج الذى يحتذى، وتقلده أجيال كاملة وتقتدى بمظهرهم ورقصاتهم وقصات شعورهم وسلوكياتهم ويتابعونهم بجنون ويتفاعلون مع صفحات التواصل الاجتماعى الخاصة بهم.

والحالة تلفت النظر لأمر هام جدا، وهو هل من الممكن أن يكون المستوى المادى المرتفع والمكانة الاجتماعية المرموقة ضامنا لأخلاق وقيم أبنائنا؟ والإجابة بالقطع تبدو واضحة لدى الجميع أن مشكلة التمسك بقيم المجتمع المصرى وأخلاقياته لم تعد ترتبط بالمستوى والمكانة الاجتماعية وإنما المحرك السلبى الأساسى هو ازدياد سرعة المحفزات السلبية ممثلة فى أفلام العري، والتى تدعى بهتانا وافتراء أنها تمثل وتجسد الواقعية، وأغانى المهرجانات والانفتاح غير المقنن على بوابات العالم الرقمية واستخدام وسائل ومنصات التواصل الاجتماعى لغير جوهر وأساس تطويرها،  بل وتحول كثير ممن يقدمون هذا النوع من الهراء الفنى لنماذج ونجوم تستضيفهم الفضائيات وأصبحوا هم قدوة أبنائنا ليتحول، وللأسف، كثير منهم إلى أطفال مهرجانات. ويأتى ما تقدم مقترنا بتهاون من الأسرة المصرية مع بطء حركة وعدم توقع لهذا التغيير السريع من جانب المؤسسات الفكرية والثقافية المصرية لتواجه تنامى التأثيرات السلبية على الجيل الجديد.

إلى جانب ضرورة وجود خطة حكومية شاملة تتكامل مع جهود الأسرة المصرية، فجزء كبير من الحل فى هذه الواقعة وغيرها من الوقائع الأخرى المتعلقة بالأطفال، إقرار تعديلات تشريعية على قانون الطفل وقانون العقوبات من أجل تغليظ العقوبات لتحقيق عنصر الردع بما يساهم فى تقليل تلك الحوادث المشينة، على أن يكون ذلك وفقا للمواثيق الدولية والاتفاقيات الخاصة بالطفل التى وقعت عليها مصر. ويمكن دراسة النزول بسن (الحدث) من 18 إلى 16 عاما، بالإضافة إلى ضرورة استحداث آليات جديدة تضمن تحقيق المستهدف من إيداعهم دور رعاية الأحداث وتضمن تأهيلا إيجابيا لهم.

وهنا اوجه كلمة حق للنيابة العامة، ذلك أنه مع ضرورة الانتباه لمحاولات بعض الأطراف الداخلية والخارجية ركوب الموجة، وتحويل الأمر لهجوم على مؤسسات القضاء المصرى العريقة، فقد شهدت الأيام القليلة الماضية عدة اختبارات لمؤسسة القضاء والنيابة العامة تتمثل فى الضغط الشعبى وإطلاق وابل من الشائعات بأن القضاء لن يتحرك لأنه نجل قاض وأن منظومة العدالة فى مصر مختلة التوازن وأن المجتمع يتعامل وفق منطق الطبقية الاجتماعية، لكن النائب العام المستشار حمادة الصاوى رد على كل تلك الأحكام المسبقة بقرارات واقعية منها استدعاء والد الطفل وإيداع الطفل إحدى مؤسسات الأحداث تأديبا له، وأكدت بذلك فعلا أننا أمام مصر جديدة يتساوى فيها الجميع، والجميع أمام القانون سواء.

وختاما، فقد دقت تلك الحالة وغيرها ناقوسا للخطر وتستدعى تضافر كافة الجهود لتعديل مسار أخلاقى واستعادة قيم مجتمعنا العريقة، وأجد لزاما على فى تناولها بشكل أكثر تفصيلا على مدار أكثر من حلقة لتقديم الاقتراحات والحلول.

-----

عضو مجلس الشيوخ

مساعد رئيس حزب الوفد