عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

قبل عام تقريبًا، اجتاح العالم وباء كورونا، الذى أصبح لغزًا محيرًا، سواء أكان فى فرضية ظهوره أو تاريخ الإعلان عنه، أو حتى إيجاد لقاح ناجع يمكنه إيقاف ذلك النزيف المستمر فى الأرواح والأعداد المتزايدة للمصابين.

لكن هناك جائحة عربية ظهرت قبل خمسة وسبعين عامًا، وتحديدًا فى مارس 1945، عندما تأسست جامعة الدول العربية، التى لم تنجح حتى الآن منذ تأسيسها فى «علاج» أى قضية أو أزمة، بل تقلص دورها على إشكالية دورية التنظيم!

عقود طويلة شهدت عشرات القمم، كان القاسم المشترك فيها جميعها بلا استثناء، القضية الفلسطينية، بدءًا من «القمة الأولى» فى مايو 1946، بقصر «زهرة أنشاص» بمحافظة الشرقية، حيث وُجهت الدعوة لزعماء الدول المؤسسة «مملكة مصر والسودان، مملكة شرق الأردن، المملكة العربية السعودية، المملكة المتوكلية اليمنية، المملكة العراقية، الجمهورية اللبنانية، الجمهورية السورية».

منذ ذلك التاريخ، و«الجامعة» تعيش واقعًا أليمًا جعلها تبتعد عن تنفيذ أيٍّ من أهدافها التى أُسِّست من أجلها، حتى أصبحت فى الواقع اسمًا بلا معنى، ولم يعد لقراراتها أى قبول شعبي.. أو حتى احترام.

بكل أسف.. على مدى سنوات طويلة، عُقدت قمم كثيرة «عادية واستثنائية واقتصادية»، تمخضت جميعها عن لا شيء، فقط عبارات الشجب والتنديد والاستنكار.. والرفض بالقلب، وذلك أضعف الإيمان!!

الآن، تواجه الجامعة العربية انتكاسة غير مسبوقة، بعد اعتذار ست دول عن تولى الرئاسة الدورية لمجلس وزراء الخارجية، بعد اعتذار فلسطين عن استكمال الدورة الحالية التى تنتهى مارس المقبل.

وفى وقت تتعمق فيه هوّة الخلافات فى عدة ملفات رئيسة، وفى مقدمتها الصراع العربى «الإسرائيلي»، نجد اعتذار ست دول ـ فى سابقة لم تحدث من قبل ـ عن تولى رئاسة إحدى دورات «الجامعة»، ما يثير تساؤلات منطقية بشأن وقت إطلاق «رصاصة الرحمة» على «الكيان» الذى أصبح مثارًا للسخرية والتندر.

تلك الاعتذارات، أعقبت إسقاط قرار فلسطيني، فى سبتمبر الماضي، يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، لتنكشف «عورة» الجامعة العربية، التى لم تستطع منذ تأسيسها الإجماع على رأى واحد أو تنفيذ قرار بعينه، بل إن قراراتها فرَّقت وقطَّعت أوصال الشعوب.

إن رفض ست دول لرئاسة الدورة الحالية كشف حالة مزرية من الهوان والضعف غير المسبوق للجامعة، ما يؤكد اتجاهًا راسخًا وقناعة لدى الكثيرين بأنها تابعة وقراراتها غير مستقلة، ولم تكن يومًا قاطرة للعمل العربى المشترك.

إن أمتنا المنكوبة بجائحة الانقسام والمثخنة بالجراح، زاد من أوجاعها الغياب الدائم وغير المبرر للجامعة، عن قضايا وأزمات شعوبها، خصوصًا مع استمرار «مسلسلات الدم» فى كل من ليبيا واليمن وسوريا والعراق وفلسطين.. وحتى فى كارثة لبنان التى كان لفرنسا التأثير الأكبر والأهم من كافة الدول العربية.

أخيرًا.. وسط تلك الحالة المحيرة من الانقسام والتشرذم، يبقى الرجاء أن تستعيد جامعة الدول العربية دورها، لاستعادة وحدة الصف، وتصفية الخلافات، وإنهاء الصراعات بين الأشقاء، لأن استمرارها أسيرة للتدخلات الخارجية وتحالفات أعضائها إقليميًا ودوليًا، فلن نستغرب أن ينتهى دورها تمامًا فى غضون عامين أو ثلاثة ـ على أكثر تقدير، ليحل محلها «منظمة الشرق الأوسط الجديد»، بقيادة «إسرائيلية» ورعاية أمريكية.

[email protected]