عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جنود مقابل جنود ودبابة فى مقابل دبابة وطائرة تقاتل أخرى ومدرعة تقابلها أخرى وأسطول بحرى يواجه منافسه وجميعهم يقفون على أرض واحدة تسمى أرض المعركة، تلك هى الحروب العسكرية بمفهومها التقليدى وشكلها القديم، لكن هل لا نزال نرى هذا الشكل من الحروب أم أن الأوضاع تطورت إلى مآلات أخرى؟

لقد انتهت الحروب بشكلها التقليدى السابق ذكره ولم تعد موجودة بصورة كبيرة وذلك نظرا للمخاطر الكبيرة لشن ذلك النوع من الحروب من قبل الدول التى تسعى لتدمير غيرها، خوفا من الخسائر المادية الفادحة والبشرية أيضا وكذلك خوفا من الإدانة أمام المجتمع الدولى بالعدوان المباشر على دول أخرى ذات سيادة مستقلة بما يشكل خرقا للمعاهدات الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

وكان البديل المثالى للحروب العسكرية التقليدية والغزو العسكرى هو التوجه إلى أنواع جديدة من الحروب تعتمد على أساليب جديدة ومختلفة لتحقيق أجنداتها السياسية والاقتصادية ومصالحها على حسب الدولة المستهدفة، وهنا تتجه أغلب الدول لاستخدام وسائل حروب الجيلين الرابع والخامس المتمثلة فى احتلال العقول.

وعلى هذا الأساس يشكل العالم الافتراضى أو ما يمكن أن نسميه الفضاء السيبرانى ومواقع التواصل الاجتماعى الحديثة ساحة المعارك الجديدة والتى يتم استهداف المواطنين من خلالها عبر الفضاء الإلكترونى والتكنولوجيا التى تعتمد على أدوات متطورة لتحقيق غزو ثقافى لعقول الدول المستهدفة بما يجعل شعوب تلك الدول هى أداة تدميرها وخرابها دون أن تطلق الدولة المحتلة رصاصة واحدة.

وتعتمد الحروب الجديدة من الجيلين الرابع والخامس على الانتقال من الاحتلال العسكرى للدول إلى الاحتلال الفكرى والثقافى لشعوبها ومحاولة إبراز تناقضات مستمرة بين الدولة والمجتمع والنظام السياسى من أجل افتعال المشكلات داخليا بين الشعب وبعضه أو بين الشعب والسلطة، وخلخلة المعتقدات الثقافية الراسخة، وهذا بالتحديد هو أكثر ما يتم العمل عليه وتركز على نقاط قوة العدو لتحويلها إلى نقاط ضعف يسهل مهاجمتها.

ومن أبرز ما يميز تلك الحروب الجديدة أنها طويلة الأمد وممتدة لسنوات طويلة لا يمكن التنبؤ بنهايتها، فهى معارك لا يوجد حسم فيها تهدف إلى إضعاف قوة الدولة المستهدفة عبر نشر الإشاعات والضغط الدولى وتأليب الرأى العام الداخلى والخارجى وتمويل جماعات ضغط، وليس من الضرورى أن يقف خلف تلك الحروب دول بمؤسساتها ولكن يمكن أن يمولها جماعات وجهات معينة.

ولا شك وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر، إنه خلال السنوات الأخيرة زاد وعى الشعب المصرى بشكل كبير مقارنة بما قبل ذلك وأصبح يميز بشكل كبير بين ما هو صحيح وما هو مدسوس له عبر تلك الوسائل، خاصة السوشيال ميديا من أجل توجيه فكره لخدمة أجندات تلك الدول المتحكمة بالتكنولوجيا على حساب مصالح دولته اعتقادا منه - دون وعى - أنه يفعل الصواب لبلده، لكن رغم ذلك نحن بحاجة إلى المزيد من الوعى والتوعية بمخاطر تلك الحروب الجديدة وأهدافها وجميع وسائلها التى تستخدمها لتحقيق تلك الأهداف.

ويلعب الإعلام دورا رئيسيا وحيويا وفاعلا فى حروب الجيلين الرابع والخامس سواء فى التدمير أو التصدى له، وعلى الإعلام المصرى أن يكون منتبها جيدا لما يتم تناوله عبر السوشيال ميديا والبرامج الجديدة التى أصبحت ظاهرة بحاجة للدراسة والفحص، فلا يجعل منها بطلا ولا ينساق خلفها لما تحمله من وعى تزييف وتدليس فى الحقائق لأنه ساحة عالمية مفتوحة دون رقيب أو ضابط، وعليه أيضا أن يعمل على توعية المواطنين بخطورتها وأهمية الحذر فى التعامل معها وأنه ليس كل ما يتم تداوله عبرها صحيحا.