هَذَا رَأْيِي
قال عنها المؤرخ الإسرائيلى، عوديد مجيدو، «حرب يوم الغفران كانت من الحروب المؤلمة بالنسبة لإسرائيل، لا يمكن أن أنسى يوم معركة المزرعة الصينية فى سيناء، لقد كانت مأساة كان المصريون يتحركون بخفة وكأنهم يحاربون على تلك الأرض منذ سنوات». ما نتوقعه دائمًا أن يفر جنود المشاة عندما يشاهدون الدبابات تبدأ فى الهجوم، لكن الغريب أننا كنا نجد الجنود المصريين واقفين صامدين أمامنا يحاولون بكل الطرق إيقاف تقدمنا، وهذا ما كان بمثابة الصدمة بالنسبة لنا». هذه شهادة من عدو عن ملحمة العبور فى حرب أكتوبر، فتحية للقيادات التى خططت وألف تحية للضباط والجنود الذين نفذوا.
ولقد نجح سلاح المهندسين بفكرة عبقرية من المهندس باقى زكى يوسف (٢٣ يوليو١٩٣٢-٢٣ يونيو ٢٠١٨) الذى تشرفت بمقابلته فى نقابة المهندسين بعمل ثغرات فى خط بارليف عن طريق استخدام مضخات للمياه ونجحت القوات الخاصة فى سد أنابيب كان العدو الإسرائيلى قد نفذها أسفل خط بارليف لإشعال سطح قناة السويس بالنابالم حالة محاولة عبور القناة ونجح سلاح المهندسين فى عمل أول كوبرى مطاطى ثقيل لعبور القناة كما قاموا بعمل 60 ممرا بالساتر الترابى على طول الجبهة.
بطولات عديدة سطرها أبطالنا فى ملحمة العبور.. علينا أن لا نكل ولا نمل من الإشارة اليها ليعلم أبناء جيل ما بعد ملحمة العبور عظمة هؤلاء الأبطال.. ففى مثل هذا اليوم العظيم سقط خط بارليف المنيع، فى هذا اليوم صرخت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل أنذاك مناشدة أمريكا«أنقذوا إسرائيل».
فى هذه المعركة أعلن الملك فيصل ابن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية والدول العربية تخفيض انتاجها من البترول وهددت بوقف ضخ البترول إلى الدول التى تساند إسرائيل.. فى هذا اليوم فشل اريل شارون فى احتلال الإسماعيلية وتطويق الجيش الثانى كما فشلت إسرائيل فى احتلال مدينة السويس.
ليعلم جيل ما بعد ملحمة العبور أن قواتنا الجوية عبرت بـ٢٢٠ طائرة فى الساعة الثانية وخمس دقائق إلى شرق القناة لضرب الأهداف الإسرائيلية.. كما شن الطيران السورى هجوما على العدو الإسرائيلى فى هضبة الجولان.
لن نستطيع ان نجمل ما حدث فى ملحمة وقف عندها وسيتوقف أمامها التاريخ طويلا فما سطره أبطالنا من بطولات يدرس فى المدارس العسكرية.
ما كتبه المؤرخ العسكرى د.جمال حمدان (١٩٢٨-١٩٩٣م) فى كتابه « ٦ أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية» ندعو جيل ما بعد ملحمة العبور إلى قراءته ليعلم هذا الجيل كيف سطر أبطالنا هذه الملحمة.
هذه هى روح أكتوبر كما فهمناها وادركنا معانيها وعشناها بعض الوقت إلى أن بدأت تتلاشى وتتراجع لتحل مكانها روح أخرى لا علاقة لها بملحمة أكتوبر.
علينا أن نسأل أنفسنا من الذى أوجد روح أكتوبر بكل جوانب العظمة والنبل والعطاء المجرد من الاهواء فيها، ومن الذى يتحمل الذنب عن تركها تتحلل وتضيع ؟ ومن الذى آتى الينا بكل هذه القيم الفاسدة والسلوكيات البغيضة لتأخذ مكانها بعد أن كنا نتباهى بحرب أكتوبر المجيدة؟.
لماذا حل بنا بعدها كل هذا البلاء وخمدت فينا روح التحدى وانكار الذات والتصميم على قهر المستحيل؟ من المسئول عن ضياع روح أكتوبر لتصبح ذكرى من الماضى نحتفل به أو نتذكره عندما تحل ذكرى هذه الحرب المجيدة فى السادس من أكتوبر من كل عام؟
علينا أن نتذكر ونحيى ذكرى من صنعوا نصر أكتوبر فهم رجال ضحوا بوقتهم وأنفسهم وكل ما يملكون من أجل قيامهم بواجبهم لرفعة أوطانهم. عدونا الحقيقى هو إسرائيل الذى لا عدو سواه.. نشأنا وكبرنا ونحن نعرف جميعا من هو عدونا الحقيقى الذى يجب علينا أن نواجهه.