عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

قد نتعرض إلى بعض المواقف التى تسبب حرجًا بالغًا ـ رغم كونها عفوية ـ كأن تكون مشاركًا فى ندوة أو محاضرة أو فاعلية ثقافية، ومن باب الخطأ غير المقصود، أو حتى المجاملة، يتم تقديمك للجمهور مسبوقًا بلقب «دكتور».

لكن، بعيدًا عن العفوية وحُسن النيَّات، فإن هناك تعمدا واضحا خلال السنوات الأخيرة، من بعض «التجار الجشعين»، الذين يقومون بتأسيس جمعيات أهلية، تسمى «مراكز تحكيم دولي»، لجذب الزبائن «المشتاقين» للوجاهة الاجتماعية والألقاب، مقابل رسوم زهيدة.

بكل أسف، ترتب على ذلك سيل جارف من «البوتيكات» و«الدكاكين» التى تمنح الشهادات الفخرية والشرفية والألقاب الرفيعة، بعد أن أصبحت تجارة رائجة، وهوسًا لهؤلاء الباحثين عن «الفشخرة الكدابة».

حيثما تولِّى وجهك فى الشوارع أو متابعة الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، تلاحقك عبارات رنَّانة، للإعلان عن دورات تدريبية «قصيرة للغاية لا تتجاوز عدة أيام»، تنتهى بحصول المتدرب على «االكارنيه» و«اللقب».

ولكى تكتمل الوجاهة لدى الباحثين عن المجد والشهرة و«البريستيج»، يقومون باختيار لقب يناسب تطلعاتهم وميولهم، بدءًا من «مستشار» ومرورًا بـ«إعلامي» أو «صحفي»، وليس انتهاء بـ«سفير»، والذى عادة تندرج تحته مسميات غريبة وعجيبة، وصلت إلى «فنون الطبخ»!!

تساءلتُ فى نفسى عن حقيقة ما يحدث.. هل وصل الفساد إلى هذه الدرجة، وما جدوى حصول شخص على «لقب»، أو «كارنيه» ربما لا يستطيع قراءة ما كُتب عليه بشكل سليم.. وهل أصبحنا فعلًا كما يُقال «بلد شهادات»، بعد أن أصبح الحصول على الألقاب بثمن وجبة غذاء فى أحد المطاعم؟!

يروى أحد الأصدقاء أنه ـ كعادته فى كل إجازة من العمل ـ يذهب إلى مسقط رأسه بإحدى مدن الدلتا، وعقد العزم خطر على زيارة أحدهم، بعد انقطاعٍ لفترة طويلة بسبب كورونا، وعندما وصل إلى المكان المنشود، اعتقد أنه أخطأ العنوان أو الشخص المقصود، لأن كل شيء تقريبًا لم يعد كما كان عليه فى الماضي.

أُصيب صديقى بحالة من الذهول عندما اقترب من المكان الذى اعتاده لسنوات.. كل شيء تقريبًا أصبح من الماضي، كل ما رآه مختلف.. لم تبقَ سوى صورته القديمة فى مخيلته، التى اعتادها على مدار 15 عامًا.. فبدا له هذا الشخص من الوهلة الأولى أنه إنسان آخر.. فى حديثه وهيئته، وكل ما يحيط به، حتى طريقة حديثه وتعامله مع «الزبائن»، الذين ينادونه بـ«سعادة المستشار»!

المفاجأة أن صديقى كان يتحدث عن «الحلاق» الذى يتردد عليه باستمرار، لكن المفارقة أنه تغير كثيرًا بتغير «صفته»، بعد حصوله مؤخرًا على «كارنيه» ولقب «مستشار» فى التحكيم الدولي.. فأصبح لا يستطيع الذهاب إليه إلا بموعد مسبق، بحسب ارتباطاته وانشغاله الدائم.. بالطبع خارج نطاق المهنة!

لفت انتباه صديقي، الديكور الحديث، الذى يتناسب مع الوضع الجديد لـ«صاحب السعادة والمعالي».. كل ما حوله كان مختلفًا.. صور معلقة على الحوائط بـ«نيولوك» جديد، وشهادة حصوله على لقب «مُحَكِّم دولي»، وضعها بارزة فى أكثر من مكان، ليتسنى للجميع رؤيتها، كما تصدرت باب المحل لافتة «صالون السعادة.. إدارة المستشار...»!

تلك القصة خير تعبير عن «مرض» اجتماعى خطير، يحتاج إلى «علاج» ناجع، خصوصًا إذا ما ترتب على تلك الألقاب والشهادات استغلال وانتهاك للقانون، أو وقوع البسطاء فريسة أو ضحايا لهؤلاء «المشتاقين» للشُّهرة والوجاهة.

[email protected]