كيف يتم تشكيل الرأى العام فى العالم الجديد الذى تسيطر عليه وسائل الاتصال الحديثة بداية من الفضائيات نهاية بالـ5G وكل ما يجعل العالم أقل من غرفة مفتوحة الجدران بلا سقف وأعين الجميع على الإنسان بلا أى خصوصية أو حدود سياسية أو وضعية.. أن ما يشكل الرأى العام ليس فقط الأخبار وإحكام السيطرة على المعلومات التى تقدم من خلال الإعلام المرئى أو المقروء والمسموع ولكن هناك وسائل أكثر تأثيرًا فى تشكيل السلوك والوجدان وخلق صورة ذهنية وفرض لغة ومفردات تصبح مع الوقت والتكرار جزءًا من التكوين النفسى والعقلى مثل الإعلانات والأغانى والأفلام والأخطر الدراما التليفزيونية لأنها متكررة ومستمرة وفكرة بث رسائل لفظية أو فكرية وشخصيات تكبر مع الطفل ثم المراهق إلى الشاب جميعها بدأت مع مسلسلات الكارتون التى جسدت شخصيات كرتونية وكونت توجهه الأطفال والمراهقين نحو الكرة فى «كابتن ماجد» ثم نحو القوة الخارقة فى الأعمال الأمريكية عن حروب الكواكب والمخلوقات الفضائية والخيالية كل هذا أهّلَ جيلاٌ بأكمله لأن تكون القوة هى معيار التواجد والسلطة سواء عن طريق العقل أو السيف والرصاص.. وما تقدمه القنوات التليفزيونية الآن لن يخلق ولن يبنى أى جيل لديه فكر وعلم ومبادئ وإنما تشوهات خلقية لن يجدى معها أى توجهه وما حدث مع كورونا والتعليم عن بعد الذى أضاع عامًا دراسيًا كاملًا على الأطفال والشباب وأفقدهم التربية والتعليم والتواجد فى مجموعات والتعامل مع الآخر والتعاون أو الصراع الصحى التنافسى أسفر عن تصريح من مجموعة مستشارى الصحة فى أنجلترا وأسكتلندا وإيرلندا وويلز وتم تقديمه لرئيس الوزراء البريطانى «بوريس جونسون» عن أن ضرورة عودة التعليم فى المدارس أمر قومى ومهمة وطنية. هكذا يعرف العالم أهمية المدرسة والتعليم الحقيقى والتربية لصحة الأطفال والشباب النفسية والبدنية والعقلية ومستقبل تلك الدول والأمم.. وفى المسلسل الكورى (الباب السري) الذى عرضته قناة «أبوظبى للدراما» قصة صراع السلطة ظاهرى بين الملك وحزبه وحاشيته وبين ابنه الأمير الثائر العالم الحالم الرومانسى الذى يريد التغيير ومحو الطبقية والفساد والمحسوبية ومنح الشعب السلطة والقوة للتغيير، كل هذا ليس عن طريق القتل والسيف لأن إذا منحك السيف السلطة والقوة ستظل قوتك فى السيف والسلاح ولكنه كان يريد لشعبه أن يتغير من خلال التعليم وبناء مكتبة يتعلم فيها النبلاء والفقراء معًا حتى يكون البقاء والمناصب للأصلح وليس من يجرى فى عروقه الدم الملكى أو من ينتمى إلى حزب الملك والحاشية.. وينتهى المسلسل بأن يموت الأمير الحالم بيد الحاشية الفاسدة التى استفادت واستغلت رغبة الملك فى تماسك البلاد وحبه للسلطة فأصدر أمرًا بقتل ابنه وحتى يعيش الحفيد ويكبر وينتقم لأبيه ويبنى أكبر مكتبة لتعليم أولاد الشعب ويحقق حلم أبيه الأمير المخلوع... العمل يحمل معانى وقيمًا وأفكارًا وعبارات ومبادئ ودراما وشخصيات تؤثر وتبنى أجيالًا تعرف قيمة ومعنى العلم والتعليم وتحافظ على القيم والأخلاق والأسرة وحتى الدولة بالعلم وليس بالسيف.. أنه التعليم الباب السرى والسحرى للتقدم والتغيير والبناء ولا شىء آخر..