رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أقرأ كثيرًا دعوات وتمنيات البعض كى تعود بيروت البهية الندية؟ وأسأل نفسى وهل عادت القاهرة؟ وهل عادت بيروت نفسها بعد الحرب الاهلية وهل هى نفس المدينة الفرحة الصاخبة بالفن والفكر التى زرتها أنا وعائلتى فى الستينيات من القرن الماضى والتى زرتها أكثر من مرة؟ حقيقة انبهرت بالسولدير وانشاء وسط بلد جميل وحديث فى نفس الوقت الذى يتدهور وسط البلد فى القاهرة العظيمة، ولكن هل عادت بيروت مع السولدير وهل المدن هى الشوارع والمبانى؟

أم أن المدن هى البشر والعلاقات بينهم وهى الانفتاح على الآخر وحجم المعاملات الحرة وحجم الآراء الحرة وعدد الأحرار الذين ينتجون فنًا وثقافة، المدن دور عرض سينمائى تقدم كل جديد وارد من جميع أنحاء العالم وهى مسارح مفتوحة تقدم ما يثير المتعة والفكر، هى دور النشر القوية والمؤثرة والمعاملات المالية القوية واقتصاد قومى وسواعد تنتج فى كل المجالات.

المدن تعود حينما يكون فيها شباب وشابات يجلسون بحرية على كافيتريات وسط البلد يتناولون الأطعمة الخفيفة ينتظرون حفلات السينما فى احترام وشوق للفرجة دون تحرش ولا أحداث مخجلة، وهى شباب من كل الطبقات والأعمار يتفرجون على فتارين رائقة ونظيفة تعرض صناعات ومنتجات ذوقها راقٍ يحترم المشترى وليست فتارين عشوائية أذواقها فظة تنشر القبح ودون أن يسمع أصواتًا عالية ومنفره تتلفظ بألفاظ خادشة للحياء.

ولكن هل أنا أكتب هذه الكلمات عن أحلام وأمانى أم عن ماضٍ عشته انا وجيلى فى قاهرة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ثم بعد ذلك بدأت فى التلاشى التدريجى؟ لقد أحببت بجانب القاهرة بيروت البهية والزهرة الندية ودمشق الساحرة فى خشوع ورصانة ولكن للأسف أصبح يتلاشى منها بالتدريج كل ما أحببناه وعشناه ومازلت أحلم أن يعيش أحفادى فى قاهرتى التى كانت عاصمة العرب والثقافة والفنون وأن يذهبوا إلى بيروت فى رحلة صيفية ويصعدوا إلى الجبل ويلتقوا برجال الفكر والفن، وأن يسافروا إلى دمشق ويذهبوا إلى سوق الحميدية ويتذوقوا مثلى البوظة باللوز، وأن يصعدوا إلى الزبدانى وبلودان.

إن قلبى تملؤة الحسرة على قاهرتى التى ضاعت منى وحزين على دمشق حبيبتى وبيروت الزهرة الندية التى تتعرض للتحطيم والانزواء بفعل فاعل، ولكن كيف تعود المدن؟