عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

عبقرية كتاب «المجمل فى التاريخ المصرى» فى ميزتين.. الأولى أن تجد هذا التاريخ فى كتاب واحد بصورة مكثفة ودقيقة.. لأنه كان لطلاب الجامعة فى ذلك الوقت عام 1942 عندما كان الطلاب بنفس قدر ومكانة الأساتذة فى طلب العلم والمعرفة.. والميزة الأخرى للكتاب فى مؤلفيه.. سبعة من العلماء المصريين بحجم ووزن جامعة كاملة.. وهذه ليست مبالغة ولكنها حقيقة دامغة!

هؤلاء العظماء السبعة من العلماء المصريين الكبار.. وأجزم أن غير المتخصصين فى التاريخ لا يعرفون عنهم شيئا.. وربما الكثير من المتخصصين، ولذلك ترجع أهمية الكتاب فى الكشف عن هذه الشخصيات والتعرف عن قرب على اسهاماتهم العلمية فى وقت نحن أحوج فيه لبروز مثلهم ومثل هذه الاسهامات بعيدًا عن شخصيات ثقيلة وتافهة وبلا قيمة تتصدر المشهد حاليا بشكل مُخجل ومُذل!

هؤلاء العظماء السبعة.. حسن إبراهيم حسن، سليمان أحمد حزين، عبدالمنعم أبو بكر، إبراهيم نصحي، قاسم حسن عثمان، أحمد عزت عبد الكريم، محمد مصطفى صفوت.. جميعهم من أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، القاهرة حاليًا، وحيث كان من الطبيعى أن تضم الجامعة علماء حقيقيين بمعنى الكلمة وليسوا مجرد موظفين بدرجة الدكتوراه، كما هو الآن فى معظم جامعاتنا حتى الأعرق والأقدم منها.. لأن وقتها كان وزير المعارف الدكتور محمد حسين هيكل باشا (1888م–1956م) والذى اختير وزيرًا للمعارف فى أربع وزارات متتالية، وهو الأديب الكبير وصاحب المؤلفات الإسلامية العديدة، وصاحب أول رواية مصرية وعربية «زينب» التى تحولت لأول فيلم صامت بمصر.

هؤلاء العظماء السبعة.. استعانت بهم جامعات أمريكية وأوروبية وعربية منذ أكثر من مائة عام، ليس كما يحدث الآن فى هجرة أساتذة الجامعات من جحيم الدول العربية إلى جنة الدول الغربية، بل كان يستعينون بهم كعلماء كبار فى تخصصاتهم، ومشاركتهم بالتدريس والبحث والدراسة فى الجامعات الغربية، وكان سفرهم اثراء علميا حقيقيا للغرب لا مجرد «اعارة» للثراء المادى!

هؤلاء العظماء السبعة.. قاموا بتأليف مراجع علمية فى التاريخ المصرى القديم والحديث، واليونانى والروماني، والإسلامى والعربي.. فمثلا الدكتور حسن إبراهيم حسن، صاحب كتاب «تاريخ الإسلام السياسى والدينى والثقافى والاجتماعي» وهو عبارة عن مرجع لا غنى عنه فى دراسة التاريخ الإسلامى فى العالم كله، أما الدكتور سليمان حزين، فقد كان عالمًا موسوعيًا فى حضارة مصر، وذا معرفة واسعة فى مجالات عديدة إلى درجة أنه كان يرتجل محاضراته، ولا ينظر فى ورقة أبدًا، حتى مناقشة الرسائل العلمية، وفى الوقت الذى كان فيه كل مناقش يأتى ومعه الرسالة والملاحظات عليها ولكن «حزين» يأتى ويداه خاليتان، ومع ذلك يناقش بعمق فى كل تفاصيل الرسالة!

وبنفس المستوى.. يأتى بقية هؤلاء العظماء.. وإننى ادعو المهتمين وغير المهتمين بالبحث والاطلاع على الأعمال العلمية التاريخية لعلمائنا، والتعرف على البناء المعرفى المصرى الذى شيده هؤلاء وغيرهم من العلماء فى مجالات عديدة.. ولا أعرف حقيقة كيف يمكن إعادة انتاج أعمالهم واصدارها مرة أخرى للأجيال الجديدة وليس فقط للدارسين والباحثين.. هل نعيد إحياء مكتبة الأسرة؟.. أم تتولى وزارة التعليم تبسيط كتبهم وتحويلها إلى نسخ الكترونية تكون موجودة على الأجهزة اللوحية للتلاميذ، وعلى منصات الوزارة والمكتبات بالمدارس.. لا أعرف؟.. ولكن كل ما أعرفه حقيقة إننا يجب أن نتعرف على مصر من خلال هؤلاء العظماء لا من خلال ثلة من السفهاء!

[email protected]