هذا رأيى
بالأمس القريب رحل عن عالمنا الدكتور محمد مشالى الملقب بطبيب الغلابة.. رحل أحد صناع الأمل عن عمر يناهز الـ٧٦ عاماً، ولم يزد كشفه عن ١٠ جنيهات للقادر والكشف مجاناً لغير القادرين، وصرف ما يمكن تدبيره من دواء للغلابة المطحونين.. رحل رمز من رموز العطاء الذى سخر علمه وعمره فى خدمة الغلابة فاستحق أن يلقب بطبيب الغلابة.
رحل من أخلص فى خدمة الناس دون انتظار مرود أو مقابل.. رحل من كان طفلاً يتيماً عجزت والدته عن تدبير ثمن دوائه وكان هذا سبباً فى تغيير مسيرة حياته، فاستحق أن يحمل شرف خدمة فئة قال عنها رسول الإنسانية سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) «أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما».
الدكتور مشالى وأمثاله هم نماذج لرسالة سامية مفادها نشر الأمل ومحاربة اليأس والإحباط وتعزيز قيم التفاؤل.. الدكتور مشالى وأمثاله ترسيخ لثقافة العطاء وغرس الأمل فى النفوس.
اسمك يا دكتور مشالى سيظل مضرب المثل ولن ينسى، ولن ينسى المرضى كيف شعرت بآلامهم وخففت معاناتهم ومسحت دمعة فى عيونهم ذرفت ممن عجز عن تدبير قيمة كشف أو ثمن دواء. رحلت واخترت أن يكون رصيدك محبة فى قلوب الغلابة، فمنحوك قلوبهم ودعواتهم لك بالرحمة والمغفرة، كانت إنسانيتك الأكبر بين أقرانك.. لم تطمع فى ملء جيوبك بالجنيه والدولار من أوجاع الغلابة، ولا بناء القصور وركوب أفخر الماركات من السيارات على حساب آلام وأوجاع المرضى.
رحل من قال فى تواضع وعن قناعة «أعطتنى الدنيا أكثر مما أتمنى وأعظم مما أستحق ومش ممكن أسيب حد يموت من الوجع»، يا من قلت سخرنا ربنا لخدمة البشر وسنتباهى بالخير يوم القيامة، ما نقدمه هو رد على النعم التى أنعم الله بها علينا، ضعوا أنفسكم محل المريض وأهله، كلامك يا دكتور مشالى هو ميثاق شرف ودستور حياه للأطباء، خاصة الشباب منهم. نرجو من الله عوضاً للغلابة والمساكين.
لن أجد ما أقوله إلا كما قال الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بعد أن أطلق على خريجى دفعة طب الأزهر ٢٠٢٠ دفعة «أطباء الغلابة» وقوله فى رثاء الدكتور مشالى: «رحم الله طبيب الغلابة د.محمد مشالى وأسكنه فسيح جناته.. ضرب المثل فى الإنسانية وعلم يقيناً أن الدنيا دار فناء.. فآثر مساندة الفقراء والمحتاجين والمرضى حتى آخر أيام حياته.. فاللهم أخلف عليه فى دار الحق وأنزله منزلة النبيين والصديقين والشهداء، ولنا أمل فى الخيرين من الأطباء- خاصة أن أبناءه ليس من بينهم طبيب- أن تستمر عيادته مفتوحة وفى خدمة الغلابة والمطحونين وفى أداء رسالته فى صناعة الأمل للغلابة وغير القادرين من المرضى، رحم الله الدكتور محمد مشالى، وجزى الخيرين من أمثاله خير الجزاء.