رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

سأمنح جائزة قيمة لأى مواطن مصرى لم يتشاجر مع موظف ما..مسئول ما، أو لم يلعنه حتى فى سره؛ لأنه عطل.. أهمل.. عقد بالبيروقراطية أوراقًا.. مصلحة أو أيًا من الخدمات العامة المتعلقة به، جائزة لأى مواطن مصرى مر به يوما لم يعانِ فيه خلف شباك المصالح الحكومية والخدمات والتصاريح حتى وهو ينقل أولاده من مدرسة لأخرى، وملعون أبو من سيصب كل هذا الخلل على مؤسسة الرئاسة، أو يعلقه عى أكتاف شخص واحد؛ لأن رئيس أى دولة فى العالم، طبيعى أن يفوض وزراء مفترض أنهم يقومون بدورهم لقيادة وتسيير أحوال البشر، والوزراء يفوضون رؤساء المصالح والمؤسسات الحكومية لخدمة البلاد والعباد، وهكذا المسلسل أو المدرج الهرمى حتى أصغر موظف.

ولا يمكن لشخص واحد حتى لو كان سيدنا سليمان، أن يتابع بنفسه يد كل وزير ومسئول، أو ينغز ضمائرهم لتصحو، وأخلاقهم لتفيق، حتى الملك سليمان نفسه غاب عن بصره الهدهد، رغم سيطرته على العفاريت والجان، فما بالنا نحن والمؤسسات والمصالح مليئة بشياطين الإنس ومن فاقوا الجن الكافر عصيانا.. وليس عليهم من سلطان إلا غضب الله وعذابه.

سيقول لى «الفيسبوكى المتحذلق رئيس الشعب الإفتراضى» على صفحتة المبدعة: إنه لو جلس على كرسى الرئاسة سيطير رقبة هذا ويسجن ذاك، ويطهر كل الفساد فى غمضة عين، لتصبح مصر جنة الله فى الأرض فى ساعات، يا حبيبى.. على مهلك.. مهلك، هل ستنزل كل صباح لتطوف على كل الوزارات الخدمية، وبعدها تفتش على كل المصالح والمؤسسات، ثم على صغار الموظفين خلف الشبابيك، وبعدها تصدر فورا قرارات الثواب والعقاب بلا محاكم، أم أنك أيضا،ستفوض بشرا تفترض فيهم الثقة والضمير والوطنية، ولأنك لا تدخل فى ضمائرهم وتتعامل بما يظهرونه من حسن النوايا، مؤكد ستنخدع بمظاهر الكثيرين منهم، ولن يكون اختيارك لأغلبهم موفقًا، لأنك ستعتمد أيضا على تقارير أمنية وغير أمنية تقدم لك، وستختار على أساسها من ستفوضهم وتوليهم على أمور الشعب.

إذن بيت القصيد هنا يتوقف على ضمائرنا.. أقصد ضمائر المسئولين، وعلى الجهات الرقابية المفوضة والموكلة والمخولة بمتابعتهم ومراقبتهم،وعلى الجهات القانونية والعدلية التى تنفذ وتطبق الثواب والعقاب، ويتوقف قبل وبعد على وعى المواطنين بحقوقهم، وجرأتهم على مواجهة الفساد واستغلال النفوذ، وعدم تواطئهم هم أنفسهم مع هذا الفساد لـ«تمشية أمورهم» وقضاء حوائجهم على حساب حقوق مواطنين آخرين.

يا سادة لا يمكن لشخص واحد القضاء على قبول موظفين ما للرشوة، وابتزازهم للمواطنين، أو يوقف وحده تعيين مسئول ما لأقاربه ومعارفة فى إطار مفهوم (المحسوبية والمنسوبية)، ولن يوقف وحده أى سرقة لأموال الدولة بصورة مباشرة، أو سرقتها بصورة غير مباشرة بإهدار وقت العمل، وسوء استخدام أدواته وآلياته، علينا أن نعترف أننا شركاء فيما نعانى منه من فساد، بتغاضينا عما يحدث لنحقق مكاسب خاصة وسريعة، وبالصمت على الانحراف، والخضوع لأى موظف وهو يستغل أمامنا سلطاته ونفوذه.

 علينا أن نعترف أن الفساد ظاهرة تحكمها وتتحكم فيها قوانين الإنسان الشخصية فردا ومن ثم مجتمعا، علينا أن نقر ونعترف بأننا كلنا متواطئون حين نقبل تقديم التنازلات الطفيفة هنا أو هناك، التى سرعان ما تكبر وتنمو وتؤثر على المجتمع وتتحول إلى آفة فساد تقضى على الأخضر واليابس، أن نعترف بمشاركتنا فى الفساد لأننا نتعامل مع أى مسئول أو موظف من منطلق قضاء مصلحتنا فقط ونقبل ونتعامل بأريحية مع هؤلاء.. من يتاجرون بالوظيفة، ويمارسون الابتزاز والمحاباة لصالحهم، متواطئون حين نقبل تحقيق وإعلاء مصالحنا الشخصية على المصلحة العامة، متواطئون حين نترك من يمثلنا يطيح فى نفوذه وسلطاته مع التقرب منه زلفى ومصلحة، ومباركته بالنفاق لينجو بفساده من المساءلة، وللحديث بقية..

 

[email protected]