رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

هَذَا رَأْيِي

مشروع سد النكبة الإثيوبى هو مشروع للهيمنة، مشروع وقوده الضغائن التاريخية، مشروع جوهره حصار مصر وإذلالها بغية التحكم فى قرارها ومقدراتها. الزيارة اللافتة التى قام بها مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد لتركيا الجمعة الفائتة واجتماعه مع وزير الخارجية التركى مولود أوغلو، فى ظل وصول مفوضات سد النهضة إلى طريق مسدود، وفى ظل التوترات التى تشهدها المنطقة وتدخل تركيا فى الملف الليبى يكشف وبجلاء عن المخطط التركى الإثيوبى الإسرائيلى.

ما يحدث هو استنساخ ما سمى باتفاقية الرمح الثلاثى التى كانت بين تركيا وطهران وإسرائيل لضمان تطويق الوطن العربى وفى قلبه مصر وتقييد نفوذه السياسى والاقتصادى. ما تقوم به تركيا الآن مع إسرائيل وإثيوبيا بإحياء هذه الاتفاقية لإحكام قبضة الأخيرة على مياه النيل. أردوغان وأبى أحمد هدفهما تقويض دور مصر، والتضييق عليها مائيًّا؛ لفرض أجندات تركية وإثيوبية سياسية واقتصادية، على غرار التعاون «الإسرائيلي- الإثيوبي»، والسيطرة على منطقة القرن الإفريقى لما تتمتع به من أهمية كبيرة، جعلتها محط أنظار القوى الدولية والإقليمية.

نجحت تركيا فى السيطرة على إثيوبيا؛ أملًا منها فى أن تتحكم بمنابع النيل الأزرق، الذى يشكل ما بين 80% و85% من إجمالى مياه نهر النيل؛ ما يجعل جميع دول حوض النيل، مرهونة بموقف أديس أبابا من بناء السدود المائية، وهو ما ظهر جليًّا فى أزمة سد النهضة. محاولات التغلغل التركى بإثيوبيا خلال السنوات الأخيرة تمثلت فى رفع مستوى العلاقات إلى أعلى درجاته، وزار أردوغان أديس أبابا عام 2015، وهناك تحدث عن العلاقات بين البلدين وكيفية دفعها إلى الأمام.

ووقَّعت أنقرة اتفاقية دفاع مشترك مع أديس أبابا فى مايو 2013، وأقرها البرلمان الإثيوبى فى مارس 2015. بخلاف زيارة الرئيس الإثيوبى السابق مولاتو تشومى إلى تركيا عام 2017، أكد فيها أنه، «يعتبر تركيا وطنًا له».

 أبى أحمد وشركاؤه يغيب عنهم أو بالأحرى غاب عنهم أن قضية مياه النيل بالنسبة لمصر هى قضية وجودية، وبالتالى فإن كل الخيارات بحكم الطبيعة وغريزة البقاء متاحة ومشروعة.

سد النهضة الإثيوبى بمثابة محبس كبير للمياه تتحكم فيه إثيوبيا متى وأنى شاءت. الاستعداد لأسوأ السيناريوهات أمر حتمى وسيكون إجبارا وليس اختيارا إذا صممت إثيوبيا على المضى قدما فى مخططاتها وعدم إعمال العقل. علينا أن ندرك أن غاية إثيوبيا وفقا لاتجاهات الفكر السائد ليس هو إنتاج الكهرباء ولكن تغيير طبيعة معادلة القوة فى المنطقة ككل خطر داهم قادم من الجنوب وهو ما يقتضى أخذ الأمر بمحمل الجد.

السوابق التاريخية تؤكد جميعها أن من يملك القوة يفرض رأيه على الجميع إلى الحد الذى يشرعن ويقنن تجاوزاته ويخلق لها شرعية الأمر الواقع، وعلى ذلك فإن استنفاد كافة الطرق والمساعى السلمية يؤدى بنا حتما إلى اللجوء لفرض سياسة الأمر الواقع ويضحى خيار القوة الغاشمة هو الخيار الوحيد للتعامل مع الغطرسة الواهية لإثيوبيا ومن خلفها تحالف محور الشر.

إثيوبيا لن تقبل بأى اتفاق يضع أى قيد ولو شكليا على ما تراه حقها فى التصرف فى النيل الأزرق ومياهه، وتعتبره ثروات إثيوبية لا يجوز للآخرين التدخل فى إدارتها. ولا تكترث بحقائق التاريخ والجغرافيا ولا بقواعد العرف والقانون الدولى. الخلاف بين مصر وإثيوبيا لن تحسمه المفاوضات وحسن النوايا، ما لم يقترن بقوة ضاغطة تجبر إثيوبيا على التوقف عن التشبث بالأحلام التى حولوها إلى ما يشبه الحقيقة والطموح المشروع داخل إثيوبيا. قضية سد النهضة ومياه النيل هما قضية مصر الأولى.

فليدرك أبى أحمد وشركاؤه أن شعب مصر بجيشه وقيادته السياسية قادر على الصمود والثبات والتصدى عندما تتصاعد المخاطر وتشتد الأزمات. حمى الله مصر ونيلها العظيم من كل مكروه وسوء.

[email protected]