حكاية وطن
بعد إغلاق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ يوم السبت القادم، وانتهاء فترة الطعون وإعلان الكشوف النهائية للمرشحين، يحتكم الجميع إلى الشعب صاحب القرار الأخير فى اختيار ممثليه عندما يتوجه الناخبون إلى صناديق الانتخابات فى اللجان التى تحددها الهيئة الوطنية للانتخابات المشرفة على العملية الانتخابية من بدايتها حتى إعلان النتيجة.
ما حدث قبل ذلك من اتفاق بعض الأحزاب السياسية على خوض الانتخابات بقائمة موحدة فى شكل تحالف انتخابى إلى جانب الانتخاب الفردى، يتفق مع القانون والدستور، ولا يؤثر على العملية الانتخابية ولا يمثل أى ضغوط على الناخب الذى له حرية الاختيار بين القوائم المطروحة عليه وبين المرشحين الفرديين، فالدستور أجاز الأخذ بالنظام الانتخابى الفردى أو القائمة أو الجمع بأى نسبة بينهما، وصدر قانون مجلس النواب متضمنًا اختيار مائة عضو بالقائمة ومائة بالفردى ومائة يعينهم رئيس الجمهورية. إذن الإجراءات لا تمس حقوق الناخب وحريته فى اختيار من يشاء عندما يمارس حقه الدستورى الذى يعتبر أمانة وشهادة يؤديها فى اختيار من يصلح للقيام بمهمة عضو الشيوخ فى المرحلة القادمة.
وإذا كان الشعب هو صاحب القرار فى النهاية، فإنه من الواجب على الأحزاب السياسية أن تقدم له مرشحين على مستوى المسئولية من ذوى الكفاءة والخبرة والسمعة الطيبة، لأن الناخب سيختار قائمة مغلقة تضم عددًا كبيرًا من المرشحين، وبالتأكيد سيكون البعض منها لا يصادف قبول بعض الناخبين، لكن الذى يرفضه ناخب قد يقبله آخر، ومن مزايا هذه الوسيلة التى لجأت إليها الأحزاب أنها تضمن تمثيلاً أكبر لكافة القوى السياسية والحزبية فى المجلس، وتخفف من هيمنة وسيطرة كتلة واحدة مما يثرى المناقشات وتعدد الآراء التى تصب فى الصالح العام فى النهاية عندما يكون الرأى للجميع والقرار للأغلبية.
وحتى الآن وبعد مرور ثلاثة أيام على فتح باب الترشح تشير الأسماء المتداولة للترشح أو التى تقدمت فعلاً سواء على القوائم أو الفردى، إلى أنها شخصيات مقبولة على المستوى العام ومستوى الشارع، ولا يضير العملية الانتخابية أو يؤثر على حماس الناخبين تردد أسماء بعض المرشحين الذين ينتمون إلى النظام القديم، لأنهم شخصيات محترمة، كانوا كذلك فى العهد السابق، فلا يجب الحكم على نظام بالكامل بأنه كان دون المستوى. فبالتأكيد هناك شخصيات وطنية لها قبول فى الشارع وما زالت، بعضهم كان فى البرلمان، وبعضهم من عائلات برلمانية وكانت لهم آراء محترمة.
كما أن هناك مرشحين يخوضون الانتخابات لأول مرة من أصحاب القدرة المالية وهذا ليس عيبًا، ولا يجوز الوقوف فى وجه مرشح مقتدر جمع ماله من الحلال، ويؤدى ما عليه من حقوق الدولة، ويلتزم بقواعد الإنفاق فى الدعاية الانتخابية طبقًا لما تحدده الهيئة الوطنية للانتخابات.
المطمئن فى المعركة الانتخابية، وأنا شخصيًا لا أريد أن أمنحها وصف معركة وأعتبرها منافسة شريفة يتم من خلالها الاحتكام إلى رأى الشعب صاحب السلطة، أن القيادة السياسية ليس لها ناقة ولا جمل فى هذه الانتخابات، ولا تنحاز لطرف ضد آخر، ولم تشارك فى إعداد مشروعات القوانين المكملة للدستور التى تجرى من خلالها الانتخابات، فهذه المشروعات كانت من اقتراح نواب البرلمان ووافقت عليها الأغلبية.
فكل ما نرجوه أن يستمر التوافق والمنافسة الشريفة، وأن يحرص الجميع على توجيه رسالة إلى الشعب بأنه هو الحكم بينهم لاختيار الأفضل، فذلك مهم لتفويت الفرصة على المتربصين الذين يحاولون العبث فى العملية الانتخابية لتحريض الناخبين على المقاطعة بحجة أن الانتخابات محسومة لتصدير صورة سيئة عن مصر إلى الخارج فى هذا الوقت الملتهب بزعم أن هناك انقساما فى الوسط السياسى لإحداث شرخ بين القوى السياسية الملتفة حول القيادة السياسية، إن مواجهة هذا العبث مسئولية مشتركة بين الأحزاب والشعب والهيئة الوطنية للانتخابات، ولا بد أن تكون هناك ثقة بأن الانتخابات ستتم فى مسارها الصحيح فى جو ديمقراطى فى إطار خطة مصر لبناء دولة ديمقراطية حديثة.