عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

 

الأمم المتحضرة فقط، هي التي تحافظ على ما لديها من إرث تاريخي وإنساني، مهما كان مختلفًا في أيديولوجيته عما تعتقده في حاضرها، ولذلك فإن منع تداعي الإرث الحضاري والحفاظ عليه، ضرورة إنسانية حتمية.

قبل أيام انتشر فيديو مؤسف لتعرض ضريح ثامن خلفاء بني أمية عمر بن عبدالعزيز في بلدة الدير الشرقي بمحافظة إدلب السورية، للنبش والسرقة، كما أتت الفِعلة أيضًا على قبرين اثنين آخرين، لزوجته فاطمة بنت عبدالملك، وخادم الضريح الشيخ أبوزكريا بن يحيى المنصور.

هؤلاء المجرمون لا نعتقد أنهم يعرفون عن الخليفة عمر بن عبد العزيز ـ أنه رغم فترة حكمه القصيرة «سنتان وخمسة أشهر وأربعة أيام» ومات بعدها مسمومًا ـ أقام العدل، ورد المظالم وعزل جميع الولاة الظالمين، ولحُسن سيرته يصنِّفه التاريخ بخامس الخلفاء الراشدين.

هذه الحادثة المؤسفة والمتكررة، تُعيد إلى الأذهان ما جرى خلال العقود الثلاثة الماضية، من صعود أصولي متنامٍ لـ«التيار الديني المتشدد» في أنحاء متفرقة من العالم، والذي جلب معه العديد من الانتقادات والعداء، بسبب بعض التصرفات الهمجية، التي لا تمت للإنسانية بصلة، حيث التشويه المتعمد لصورة الإسلام والإنسانية.

تلك الأفعال المشينة التي يرتكبها هؤلاء الحمقى ومحاولاتهم المتكررة بين فترة وأخرى، لتشويه وهدم الآثار والتراث الإنساني، شيء مخجل يدعو للأسى والحزن، ومشهد تعتصر له القلوب، فمن أعطى هؤلاء الحق في هدم وسرقة شواهد تاريخية على حقب وأزمنة خلت لبعض الأمم والشعوب؟!

الذاكرة القريبة أيضًا لم تنسَ ما حدث في العام 2014، حين قيام تنظيم «داعش» الإرهابي، بسلسلة عمليات لنبش القبور وهدم مقامات ومراقد في العراق، كان من بينها هدم قبر نبي الله يونس عليه السلام، في مشهد يمثل اعتداء صارخًا على قدسية الأنبياء وحرمة الأضرحة والمقامات.

الشواهد كثيرة على أفعال هؤلاء الجهلاء، الذين أقدموا في أواخر 2012 بـ«تمبكتو» التاريخية في جمهورية مالي والتي تعد مدينة الـ333 وليًا، بهدم كل الأضرحة هناك، وقبلها في ليبيا تم هدم أضرحة ونبش قبور من يوصفون بأنهم «أولياء مسلمين»، وتفجير مساجد تحمل أسماءهم من قبل بعض المتشددين السلفيين.

الموضوع لا يعدو كونه قضية مبدأ وثقافة وحضارة، وتلك التفجيرات تُظهر غياب التسامح وضيق الأفق وعدم المسؤولية، وما تفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء العراقية عام 2006 من قبل إرهابيي القاعدة، إلا مثالًا على تعمد إشعال الفتنة المذهبية.

وبالطبع لا يفوتنا ما أقدم عليه بعض الإرهابيين في مصر، والذين نادوا بتدمير الآثار الفرعونية، وقامت مجموعة منهم بقتل 62 سائحًا ألمانيًا فيما عُرف بمذبحة الأقصر في العام 1997.

جميعنا يتذكر ما حدث في العام 1998، عندما عمدت حركة طالبان الأفغانية إلى تدمير رؤوس تماثيل بوذا الضخمة في باميان بحجة أنها «أصنام»، ثم أجهزت في مارس 2001 على التمثالين، اللذين يعود تاريخهما إلى القرن السادس الميلادي، بتفجيرهما بالديناميت!

إن جرائم لصوص التراث الإنساني تؤكد حقدهم الدفين، وما حدث لـ«القبة البيضاء» في إدلب مؤخرًا، أمر لا يقره مذهب أو دين، وهو عمل لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد، لأنه تخطى كل حدود الطبائع الإنسانية السوية التى تحترم حرمة الأموات وتعلي من شأن مقدساتها وتراثها.

[email protected]