رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

وتستمر التداعيات المقلقة لتفشي فيروس كورونا، على حياة البشر، بشكل لم يسبق له مثيل، الأمر الذي بات يهدد مستقبل العالم، على كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية،  وبالطبع «الصحافة الورقية».

منذ بداية الألفية الجديدة، شهدت «صناعة الصحافة» في العالم تحولات كبيرة، لكنها في الأعوام الأخيرة ـ خصوصًا بعد تفشي فيروس كورونا ـ سجلت تراجعًا كارثيًا ملحوظًا، سواء أكان في المبيعات والتوزيع، أم على مستوى موارد الإعلانات.

قبل سنوات وبسبب التكلفة العالية في الورق والأحبار والطباعة والأجور، اضطرت صحف عريقة، مثل «نيويورك تايمز» و«الأوبزرفر» و«الإندبندنت» إلى إيقاف نسخها الورقية والتحول إلى الإلكترونية.

الأمر نفسه تكرر مع صحيفة الحياة العريقة، التي لـ«أسباب مالية»، أصدرت النسخة الدولية عبر الإنترنت فقط، وقبلها أيضًا توقفت جريدة السفير عن الصدور نهاية 2016 بعد 42 عامًا من تأسيسها، وأخيرًا تحول جريدة المستقبل اللبنانية رسميًا، إلى «رقمية بالكامل» في فبراير 2019.

الأمثلة باتت كثيرة، حتى في مصر، التي قلصت فيها بعض الصحف الورقية عدد صفحاتها، ما يعكس بشكل واضح الضائقة المالية المستفحلة، حتى أصبحت الصحافة الورقية في حاجة إلى ما يشبه المعجزة، في معركة الصمود من أجل البقاء.

على مدار سنوات، نعيش نقاشات واسعة وجدلًا مستمرًا حول مستقبل الصحافة الورقية، خصوصًا أن المسألة حُسمت منذ أعوام في الغرب عمومًا، حيث يوجد ما يشبه الإجماع، على نهاية عصر الصحافة الورقية، لكن يظل الجدل مستمرًا ونابعًا بالأساس من معطيات لا علاقة لها بالواقع، وأنها لا تزال تمتلك فرصة لتطوير نفسها والاستمرار في المنافسة لسنوات مقبلة، بينما أكثر المتفائلين يعتقد أنها تعيش «مرحلة انتقالية» تحتفظ فيها بدورها ووجودها مع «زخم» العالم الرقمي!

نتصور أن استمرار الصحافة الورقية في العالم العربي بشكل عام، وفي مصر على وجه الخصوص، أمر يصعب توقعه، حيث بات مصيرها «الوجودي» مهددًا بشكل حقيقي، بسبب انخفاض المبيعات والاشتراكات وانصراف المعلنين، وتحول غالبية القراء إلى العالم الرقمي.

الصحافة الورقية في زمن كورونا أصبحت في حالة موت سريري، بعد سنوات من دخولها إلى غرفة العناية الفائقة، ولم يعد يُجدي نفعًا انتظار تشييعها ببكائيات حادة، حزنًا على جهودها التي بدأت منذ قرن ونصف تقريبًا.

عالم الصحافة الورقية في زمن كورونا وما بعده، يحتاج إلى تغيير جذري في «المحتوى»، بحيث ينتقل من الثرثرة والتفاهات والسطحية، إلى صناعة رأي عام حقيقي، يواكب عصر المعلومات الذي نعيشه، من خلال تغيير القوالب الجامدة، والتعبير الحقيقي عن مشاكل الناس، لا أن تكون صوتًا واحدًا يعبر عن توجهات السلطة.

منذ بدء تفشي فيروس كورونا، لجأت الدول وحكوماتها ومؤسساتها إلى تقنيات العالم الرقمي في اجتماعاتها وخدماتها وكافة إجراءاتها، وبالتالي لا مجال لاستمرار الصحافة الورقية على نفس النهج الموروث، إن أرادت الاستمرار، ولو إلى حين!

نتصور أنه إذا أرادت الصحافة الورقية البقاء على قيد الحياة، فعليها تبنِّي أساليب مالية وإدارية مختلفة، والتسلل إلى عقل القارئ واستعادة ثقته، وبالطبع رفع سقف الحرية وتقليل عصا الرقابة.

ويبقى السؤال المطروح بقوة منذ تفشي جائحة كورونا: هل هناك مستقبل للصحف الورقية يبرر بقاءها على قيد الحياة، أم أن المستقبل فقط لمنصات السوشيال ميديا والصحافة الإلكترونية؟!

[email protected]