رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

ارتبط المصريون منذ القِدم بالفكاهة والسخرية، خصوصًا في مواجهة المِحن والشدائد وقسوة الحياة، حتى أصبحت «النكتة» وسيلة معبِّرة للغاية عن مكنوناتهم.

منذ ظهور «فيروس كورونا» في مصر، لجأ الكثيرون إلى تفريغ طاقات الخوف والهلع والتوتر في ابتسامة ساخرة، وتحويل الجد إلى هزل، بسرعة فائقة يُحسدون عليها.

على مدار أسابيع وحتى الآن، لا صوت يعلو على «كورونا»، خصوصًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي وجد الكثيرون ضالتهم فيها، للتخفيف عن واقع «احتجازهم الطوعي» في المنازل.

البعض واجه مرارة الخوف باختراع «بوستات» وإعداد فيديوهات، لا تخلو من تعليقات وعبارات لا تخلو من التندر أو الطرافة والغرابة، إضافة إلى تداول نكات و«إفيهات» ساخرة، معظمها خارج التوقعات.

منذ إعلان الحكومة فرض حظر التجول من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحًا، لمدة أسبوعين، وجد المصريون ضالتهم في «السوشيال ميديا»، التي أصبحت متنفسًا وحيدًا لتمضية الوقت، بعيدًا عن الروتين اليومي المعتاد.

الملفت أن وقت «ملازمة المنزل» الطويل نسبيًا، لم يعتد المصريون عليه، لأنهم يتميزون بالحركة وإيقاع الحياة السريع والمزدحم، والنتيجة «إبداع» في التنفيس عن الملل، بإظهار «مواهبهم» خلال متابعة آخر تطورات «كورونا».. وبالطبع لا مانع من «الفَتْي» و«الهَرْي» في عالم افتراضي غير مسؤول!

خلال الأسابيع الماضية، تولَّد شعور عام لدى غالبية الناس، تمثل في الخوف من الموت، والشعور بدنو الأجل، فبدا كثيرون يفضلون «البقاء» في عالم افتراضي، بعيدًا عن الواقع الأليم، لتظهر علامات التدين، والاحتساب عند الله في الوباء الذي ألمَّ بهم!

نتصور أنه من الواجب رفع الروح المعنوية لدى هؤلاء الخائفين المرتعبين، لنبشرهم بأن حظر التجول ليس كله شرًا مطلقًا، بل فيه من الفوائد و«النفحات» ما لا يعد ولا يحصى.. برغم أنه قد يبدو للكثيرين «وقف حال»، فإن فيه مميزات لا تخطئها العين المجردة.

ما شهدناه خلال الأيام الفائتة من انضباط والتزام وحرص على الحياة، جعلنا نتلمس بعض الإيجابيات لوباء كورونا، سواء على مستوى الاستقرار الأمني، الذي بدا واضحًا وملحوظًا، بانخفاض معدلات الجريمة والتحرش والسرقات.

لعل أهم الإيجابيات انعكست على الترابط الأسري، الذي كان نصيبه من «القَلْش» يفوق كل توقع، خصوصًا مشاركة الأزواج فى الأعباء المنزلية، وتربية الأبناء، ليعود الدفء من جديد إلى البيوت.

كما لاحظنا انخفاض معدلات تلوث الهواء والضوضاء، والأهم من ذلك الانخفاض الحاد في معدلات التلوث السمعي والبصري، وانهيار «هوجة» أغاني «شواكيش» المهرجانات، ليتربع «كورونا» على عرش «التريند»، ويصبح «نمبر وان».

أيضًا اكتشفنا أننا طيلة أعمارنا لم نكن نُجيد غسيل الأيادي بشكل صحيح، كما تأكدنا من وجود «مقاتلين» على جبهة مواجهة الوباء، من أطباء وممرضين وطواقم طبية، يقدمون أرواحهم بلا مقابل، أو انتظار بدل عدوى!

ربما انتهت فكرة الهجرة، سواء أكانت شرعية أم غير شرعية، بعد أن أصبحنا «أحسن من أمريكا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا»، وكذلك اختفاء التعصب الكروي ولو إلى حين- بعد تجميد النشاط الرياضي، إلى جانب انتهاء الدراسة مبكرًا في بعض المراحل، ثم الانتقال إلى عصر التعليم عن بُعد، وإنجاز المعاملات إلكترونيًا.

أخيرًا.. سيظل الشعب المصري يتعاطى مع كل ما حوله بروح الدعابة والنكتة، ولا يستسلم لليأس على الإطلاق، لأنه يسخر من كل شيء، حتى من نفسه.. إنه شعب لا تُبكيه همومه بقدر ما يضحك منها وعليها!

 

[email protected]