رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

مراجعات

منذ انتشار الفضائيات في تسعينيات القرن الماضي، وهي وسيلة الاتصال الأكثر انتشارًا، والأوسع مدى، والأكثر جذبًا وإغراءً وقدرة على التأثير، وتشكيل الرأي العام.

الآن، وبعد ثلاثة عقود تقريبًا، يمكننا القول إن عصر الفضائيات، وسيطرة الدول والحكومات، بل وحتى أباطرة الإعلام، على وسائل الإعلام بكل أشكالها وأنواعها، ولَّى إلى غير رجعة.

لقد أصبحنا نعيش في زمن يوتيوب «YouTube»، وصار بإمكان أي شخص امتلاك «محطة» تلفزيونية، للتفاعل مع ملايين المستخدمين في دقائق معدودة، من دون الحاجة إلى تكلفة أو ستديوهات.

سهولة إنشاء قنوات على يوتيوب، أغرى الكثيرين، خصوصًا الشباب، على التواصل المباشر مع الناس، بكل أريحية، ومن دون خطوط حمر، فهي لا تحتاج إلى موافقات، كما تجنبهم مقص الرقباء، الذين انتهت صلاحيتهم في أغلب البلدان.

ربما توجد مآخذ كثيرة على المحتوى ـ الذي كثيرًا ما ينتهك حقوق النشر والملكية، خصوصًا مع إمكان اختراق الحجب ـ لكن الأخطر برأينا هو عدم وجود ضوابط أخلاقية، أو دينية، أو محاذير سياسية.

السؤال المهم الذي يطرح نفسه: لماذا يلجأ الناس إلى تلك النافذة ليتنفسوا من خلالها؟.. الجواب ببساطة هو الافتقار إلى الحرية والشفافية وسهولة الوصول إلى المعلومة، وكذلك الهروب من الاحتكار الرسمي، وتحالفات مُلاَّك الإمبراطوريات الإعلامية، وسيطرة أصحاب المال.

إذن، أصبحنا نعيش في زمن يوتيوب، الذي جعل الإنسان يتحرر من الضغوط أو التهديد، ليصبح مواطنًا عالميًا، لا تمنعه حدودًا جغرافية أو زمانية، من الوصول إلى أقصى نقطة في المعمورة عبر فضاء يتسع للجميع.

ربما أصبح من الضرورة، التعامل مع تلك «الثورة»، وامتصاص آثارها، بعد الانتشار الرهيب لفيديوهات، تابعها مئات الملايين حول العالم، لأنها بالفعل أربكت المشهد الإعلامي والسياسي والاجتماعي، بشكل غير مسبوق.

لا يمكن لأي متابع، إنكار أن الإعلام في مصر تعرض أخيرًا لما يشبه الصدمة القوية، جراء «زلزال» الفيديوهات، التي انتشرت على نطاق واسع وغير متوقع، ونحن بالطبع لن نخوض في محتواها، بل نتحدث عن مدى تأثيرها.

ما حدث خلال أسابيع فقط، يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في كل ما يقدمه الإعلام، الذي يحتاج ـ أكثر من أي وقت مضى ـ إلى عملية «تطهير» واسعة، أو على الأقل «تجديد» في الشكل والمضمون، و«تغيير شامل» للوجوه التي أصبحت مقررًا يوميًا إجباريًا في حياتنا.

لقد أصبحنا في حاجة ملحة لتجديد الخطاب الإعلامي، تمامًا كما تفرضه ضرورات العصر من أهمية تجديد الخطاب الديني، فما نعانيه خلال السنوات الأخيرة، من هموم وأوجاع، مردُّه في جزء كبير منه إلى «العك الفضائي».

المشهد الحالي، في غالبيته، يُشكل صورة عبثية، لا علاقة لها بمهنية ومصداقية الإعلام، خصوصًا مع هؤلاء «المتحولين» الذين نعتقد أن «إثمهم أكبر من نفعهم»، وضررهم للوطن واستقراره، أكبر وأخطر من أولئك الذين يبثون من الخارج سمومهم.

على مدى سنوات، سأم الناس إعلام الصوت الواحد.. فارغ المضمون والمحتوى.. يتصدره كثير من «المطبلين الجهلاء»، أو «المؤلفة قلوبهم»، الذين طفح الكيل بهم، ولا يستحون أن يجاهروا بالقول إنهم دائمًا «تحت الطلب»!

أخيرًا.. مَن يتابع معظم برامج الفضائيات، يجد صعوبة في ابتلاع هذا الكم الهائل من الكذب والنفاق والخداع والتضليل، في حضرة شخصيات ووجوه مُقَرَّرة ومتكرِّرة، وبالتالي نتصور أن ما يعانيه الوطن، يتحمل الإعلام قسطًا كبيرًا من مسؤوليته، لذا حان الوقت لـ«تطهير» و«تجديد» الخطاب الإعلامي.

[email protected]