رؤى
لسه الكلام اللى احنا كنا بنرسمه فوق الحيطان
لسا الايدين زى ما هيه معلمه اوكر البيبان
لسه ريحتك فى المكان
فى البيت القديم..
كلما استمعت لأغنية الراحل محمد رشدى «البيت القديم»، أشعر بحزن وحنين غريب، وأرجع بذاكرتى إلى أكثر من خمسين سنة، إلى بيتنا القديم، بيت جدى الحاج بسيونى عريبى، كان فى قرية قحافة، ويقال إن هذا البيت والبيت المجاور له، كانا يسكن فيهما كبار عائلة عريبى،
ما وصلنى عن عائلة عريبى، خاصة الفرع الخاص بنا، أن جد والدى وكان اسمه السيد عريبى، أنجب بسيونى وهو جدى، وحامد، وسكينة، وعائشة، الحاج بسيونى أو جدى الكبير عاش فى قرية اسمها قحافة كانت على مسافة كيلو متر من مدينة طنطا، لا أذكر ما حكوه أمامى إن كانت زوجته من عائلة غرابة التى تسكن نفس القرية، أم جدتى زوجة الحاج السيد هى التى كانت من عائلة غرابة، ما أذكره ان جدى الكبير السيد بالألف واللام بنى بيتا كبيرا فى أحد شوارع القرية، عرف بعد ذلك بشارع الحاج بسيونى، ذكروا أنهم بعد وفاته قسموا البيت بين جدى بسيونى وجدى حامد شقيقه، وفى حكايات أخرى أكدوا أن بسيونى الكبير والد جدى السيد هو الذى بنى البيت الكبير، وقيل إنه ترك ميراثا كبيرا من الطين، خصصوا قطعة منه لبناء بيت للعائلة، وقد قسمت بين جدى بسيونى وجدى حامد شقيقه، وبنى كل منهما بيتا كبيرا، وقد ولدت فى بيت جدى بسيونى وعشت فيه أنا وأشقائى، حتى أنهيت الصف الثالث الابتدائى فى مدرسة قحافة الابتدائية، ثم انتقلنا إلى عمارة جدى التى بناها فى شارع الصاغة بمدينة طنطا.
ما أذكره جيدا من سنوات الطفولة وما بعدها أنه رغم امتلاك جدى عشرات الأفدنة من الطين، إلا أنه كان يقوم بتعليم أولاده، فقد حصل جميعهم على شهادات جامعية من كليات الهندسة والآداب والتجارة، وشقيقه جدى حامد كان الشىء نفسه، حريصا على تعليم أولاده وحصولهم على شهادات جامعية، ولم يكن جدى بسيونى يعتمد على أولاده، والدى وأعمامى، فى زراعة الأرض، حيث كنا نرى فى الجزء الريفى من المنزل أكثر من عامل، كان يقال لهم الأنفار، أذكر منهم النفر سيد، أو السيد، الذى جلس يبكى ويحمل الطين على رأسه عندما مات جدى: هروح فين يا عم الحاج، هروح لمين يابا، وحكوا أيامها أن جدى هو الذى قام بتربيته وتزويجه، بعد شهور من عودته لبلدته، جاءنا خبر موت السيد النفر.
والدى الوحيد بين أعمامى، حسب رواية عمى عبدالحفيظ رحمة الله عليه، الذى كتب فى البطاقة اسم جدى بالألف واللام «البسيونى» لكى يحافظ على موسيقى اسمه: أحمد البسيونى السيد عريبى، قيل إن جدى البسيونى مات بأزمة قلبية، استيقظ صلى الفجر ونام، فى الصباح دخلوا لكى يوقظوه ففوجئوا بموته، جدى مات، ووالدى وأعمامى وعماتى ماتوا منذ سنوات، والبيت الكبير ما زال كما هو، زمان كنا نفتحه عند وفاة أحد أعمامى أو عماتى، نذهب إلى البيت ويخرج النعش منه، أبى نقلناه من المستشفى إلى البيت وشيعناه، وكذلك عمى السيد، فى وفاة عماتى وعمى عبدالحفيظ فتحنا المنزل فقط، وأقمنا الشادر فى القرية.