رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

التعليم والصحة ركيزتان من أهم ركائز الدولة الحديثة القوية المتقدمة، فالمواطن المتعلم يفيد نفسه أولاً ثم وطنه، وهو لا يفعل ذلك إذا كان معتلاً سقيماً، وفى مصرنا الحبيبة ما زلنا نردد مقولة رائد التنوير وعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين «التعليم كالماء والهواء» وهى فى الحقيقة لا تتجاوز حناجرنا، نقولها فقط ذراً للرماد فى العيون ولا نعمل جادين على تحقيقها، فعلى مدار سنوات عجاف رصدت الحكومات المتعاقبة ميزانيات هزيلة للتعليم، ضاربة عرض الحائط بتوصيات خبراء التعليم بضرورة مضاعفتها على الأقل 5 مرات لنصل إلى حد «الكفاف العلمى»، ولم تكلف هذه الحكومات نفسها عناء النظر إلى تجربة أبهرت العالم، ووضعت صاحبتها فى مصاف الدول العظيمة، وأصبح رئيس وزرائها يباهى بها الأمم، خاصة أنها كانت تمر بظروف مماثلة لما تمر به مصر، إلا أنها نجحت بفضل تجربتها الرائدة فى الاهتمام بالتعليم أن تتقدم وتصبح واحدة من الدول المتقدمة، ماليزيا التى حجزت لنفسها مكاناً بين الدول العظام بفضل التعليم. القانون الماليزى يعاقب الآباء الذين لا يرسلون أبناءهم إلى المدارس، فى المقابل أتاحت الحكومة الفرصة للطلاب لاستكمال دراستهم فى الخارج، بل عملت على تقوية العلاقة بين مراكز البحوث والجامعات، وبين القطاع الخاص، وفتحت المجال لاستخدام أنشطة البحث العلمى لخدمة الأغراض التجارية، ومن ثم لم تعد الحكومة مطالبة بدعم الأنشطة البحثية بمفردها، بل يشاركها فى ذلك مؤسسات القطاع الخاص، وقضت بذلك على مشكلة نقص الدعم الحكومى الموجه للبحث العلمى، ووجهت ما كان ينفق على هذا المجال إلى التعليم من ناحية، وتمكنت المصانع الماليزية من تطوير إنتاجها، وغزو الأسواق العالمية بمنتجات أكثر تقدماً. أما نحن فقضينا على المدارس خاصة فى المرحلة الثانوية ونقلناها إلى «السناتر» كابوس العصر، وأصبحت تحتضن جميع أبنائنا فى الثانوية العامة الذين جاءوا إليها طائعين، واجتمعت قلوبهم عليها راضية بقضاء الله وقدره، فهى ملاذ كل باحث عن مجموع يؤهله إلى الكلية التى يريدها، ويتحمل فى سبيل ذلك جشع المدرسين وسوء معاملتهم، وتكدس الأعداد، وإضاعة الوقت والغريب أن هؤلاء «الباشوات» لا يكتفون بالإعلان عن أنفسهم داخل ملازمهم، بل يمتد ذلك إلى الميادين العامة والحوائط والمطبوعات التى يحملها بعض الشباب لتوزيعها على المارة، ولا مانع من بعض الألقاب فأمبراطور الكيمياء، وفيثاغورث الرياضيات، وسيبويه اللغة العربية، والأسطورة فى الجغرافيا والاقتصاد، وأستاذ مصر الأول فى الأحياء، وصاحب أعلى الدرجات وأصدق التوقعات، ويبدأ باب الحجز منتصف الصف الثانى، ومن يتأخر يفقد مكانه، أو يبحث عن واسطة للانضمام إلى عالم السناتر. والعجيب أننا نتحدث عن عالم ملموس واقعى، فرض نفسه علينا جميعا، فأقسم بالله غير حانث لو سمعت هذا الكلام من أى شخص عن هذا العالم لاتهمته بالجنون إذا انضم إليه –هذا بالطبع قبل انغماسى فيه حتى أذنى- عاجزاً بكل ما أوتيت من قوة أن أسبح ضد تيار جرف كثيراً من أرادتنا فى فعل ما نؤمن به.