رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

كتبت من قبل عن ملامح الأوضاع المزرية التي يواجهها الصحفيون، مستشهدا بما ذهب إليه من يمكن اعتبارهم «قادة» العمل الصحفي ممثلين في النقيب السابق وأعضاء مجلس النقابة وما أكدوه خلال اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين منذ شهر. ومن الغريب أنه وسط كل المؤشرات التي تنذر بتدهور أكثر للأوضاع فإن البعض يحاول أن يتغافل عن هذه التطورات، حتى ليبدو وكأنه يتحدث عن صحافة في عالم آخر غير مصر.

بعيدا عن مخاوفنا ومخاوف عدد كبير من الصحفيين والتي ربما يراها هذا البعض لا تعبر سوى عن نظرة ضيقة، فإن مجريات الاجتماع الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي يوم 5 مارس الماضي مع عدد من الوزراء  ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة، تكشف بشكل لا يحتمل اللبس عن «الحارة السد» التي تكاد أن تكون وصلت إليها أوضاع الصحافة المصرية، بغض النظر عن تجميل الصورة أو بعض العبارات الدبلوماسية التي ربما تكون قدمت هنا أو هناك لأن الموضوع لا يحتمل سوى هذا النوع من التعاطي!مجمل ما تشير إليه تفاصيل ما دار في الاجتماع ثلاثة أمور:

*إن مديونيات المؤسسات الصحفية القومية أصبحت من الضخامة بحيث لا يمكن السكوت بشأنها أو محاولة تغافلها، وإنما التعامل معها بمنطق المريض الذي يجب علاجه.

*إن الدولة فاض الكيل بها في تقديم الدعم الواجب والذي تراه مناسبا لخروج تلك المؤسسات من عثرتها وأنه آن الأوان لوقف هذا النزيف المادي من الخزانة العامة الهادف إلى مساعدة هذه المؤسسات في تحقيق هدف يبدو أقرب إلى السراب وهو الوقوف على قدميها.

*إن أحد البدائل الأساسية لتحقيق الهدف السابق هو العمل بمبدأ «النبش في الدفاتر القديمة» من خلال حصر كل أصول المؤسسات الصحفية القومية بهدف استغلالها بشكل يوفر لها موارد يتيح لها قدر من الاعتماد على الذات في مواجهة أزمتها المادية.

مؤدى ما سبق أن هذه المؤسسات مقدمة على حزمة إجراءات قد تكون قاسية لعلاج أوضاعها المالية. من بين مكونات هذه الحزمة، وفق رأي بعض العليمين بالأمور، دمج بعض المؤسسات، وتحويل بعض الإصدارات الورقية إلى إلكترونية وهو ما يمثل تقليلا لنزيف التكلفة المادية في ضوء تراجع أو انحسار توزيع هذه الإصدارات بشكل يجعلها تحقق خسائر مادية فادحة. وقد أشار إلى هذا الأمر من قبل اسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب، باعتباره أحد الحلول التي يجري بحثها، وهي شهادة ليس أمامنا سوى الاعتداد بها لما للرجل من وضع تفرض علينا أن نأخذ ما يقوله بكل جدية.

  غير أنه إزاء ما تثيره تلك الحلول من رفض بين قطاع غير قليل من أبناء هذه المؤسسات والإصدارات فقد راح كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ينفي التطرق خلال الاجتماع مع مدبولي إلى دمج المؤسسات الصحفية القومية أو إلغاء بعض الإصدارات الورقية وتحويلها لمواقع الكترونية مؤكدا أنه لا مساس بالكيانات القائمة.

ورغم ما تحمله تصريحات جبر من طمأنة و«جبر» لخواطر الصحفيين بشأن مستقبلهم، إلا أنه يؤخذ عليها أولا أنه لم ينف أن تلك مقترحات مطروحة على مائدة البحث بشكل عام، بغض النظر عن طرحها على مائدة مدبولي أم لا! فمائدة مدبولي ليست الوحيدة التي يجرى من خلالها النظر في قضية الصحفيين وإنما الرجل– د. مدبولي -  سيأخذ بما يتم الانتهاء إليه في الاجتماعات المغلقة التي يقوم عليها قادة المؤسسات الصحفية والمخططين والقائمين على تقديم الدعم المالي لتلك المؤسسات.

من ناحية ثانية فإن تصريحات جبر بشأن أصول المؤسسات الصحفية واستغلالها الاستغلال الأمثل يغيب عنها الوضوح رغم إشارته إلى أن هناك مقترحات جاهزة في هذا الشأن، فما هي هذه المقترحات، وكيف سيمكن من خلالها فك عثرة أزمة المؤسسات القومية المادية؟ وهل لتلك الإجراءات دور في عدم اللجوء للدواء المر القائم على الدمج أو التحول من الورقي إلى إلكتروني؟

من ناحية ثالثة إذا كان جبر حريصًا على التأكيد على ما يمكن اعتباره حق هذه المؤسسات في وقوف الدولة إلى جانبها نظرا لدورها التنويري ودورها الوطني، فإن ذلك يثير التساؤل بشأن وضع المؤسسات الصحفية المستقلة سواء كانت حزبية أم خاصة؟ أليس دورها التنويري والوطني يقتضي أن يكون لها نصيب من هذا الدعم، خاصة أن الصحفيين المنتسبين لهذه المؤسسات مصريين من لحم ودم كما زملائهم في المؤسسات الصحفية القومية؟ بل إن بعض هذه المؤسسات قد تكون أكثر أولوية من القومية بإعتبار أنها ربما تقف على يمين المؤسسات القومية في دعم الدولة وخططها في المرحلة الراهنة الحرجة من عمر الوطن؟

مجرد ملاحظات قد تنتظر إجابات حتى يشعر الصحفيون، قوميون وغير قوميين، بقدر من الأمل في مستقبل أفضل من المؤكد أنهم يستحقونه.

[email protected]