رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دراما الجريمة قد تكون من أكثر أنواع الدراما تشويقاً وجذباً للمشاهد حيث إن عنصر التشويق والمغامرة وكشف المجهول يعد من أبرز عناصر البناء الفنى والتسلسل المنطقى الكلاسيكى للحبكة الدرامية أو الحدوتة الفنية التى كما قال أرسطو تستدعى أن يستخدم القارئ أو المتلقى أو المشاهد الذاكرة والذكاء؛ لأن عليه تذكر الأحداث والمواقف لربط بعضها ببعض، والذكاء يجد أسبابا وعناصر ترشده إلى كشف اللغز والسر الخافى عن المتلقى، الذى هو من صنع وخيال الكاتب، وكما بدأت الإذاعة دراما الجريمة، كان للمستشار بهاء الدين أبوشقة السبق فى تقديم وكتابة برنامج شهير للإذاعة المصرية- البرنامج العام.. أغرب القضايا، الذى حظى على مدار سنوات عدة بنسبة استماع وجماهيرية شديدة عن دراما الواقع، حيث الجرائم تتم كتابتها بصورة درامية تناسب المستمع, نجد أن الشاشة الصغيرة عندما بدأت دراما الجريمة كانت فى أعمال مثل مسلسل «العسل المر» 1966 الذى كتبه يوسف عزالدين وأخرجه عبدالمنعم شكرى يناقش قضية تتعلق بالعقد النفسية للأم التى تكره الرجال، وتحاول أن تمنع ابنتها شمس البارودى من الحياة الطبيعية وفى «هارب من الأيام» لثروت أباظة ونور الدمرداش 1967 نجد أن دراما الجريمة كانت دراما ذات بعد اجتماعى وسياسى, وعن سطوة السلطة والعمدة، وكيف يؤثر ذلك فى الفلاحين البسطاء, وفى السبعينيات كتب د. مصطفى محمود مسلسل «العنكبوت» 1973 من إخراج نور الدمرداش عن الدور الفلسفى والوجودى للعلم، وكيف يستخدم العلم البشر كفئران تجارب كما يحدث فى المعامل العلمية والطبية.

أما مع تطور فن الدراما التليفزيونية نجد مسلسل «وتوالت الأحداث عاصفة» لإبراهيم مسعود وإخراج حسام الدين مصطفى 1982 عن ذلك الرجل الغامض المجهول (البرادعى) حيث اعتمد العمل على إبراز الجوانب الاجتماعية والنفسية والقصص الإنسانية أكثر من الجانب البوليسى، وإن كانت قصة البرادعى وشخصيته طغت على البعد الدرامى الاجتماعى للعمل.. وفى «الحساب» 1997 لأنور عبدالله وهانى إسماعيل نجد أن المجرم يتسبب فى أن تفقد البطلة بصرها، فيحاول أن يكفر عن غلطته وجرمه فتكون الحبكة عاطفية إنسانية أكثر منها إجراماً وعنفاً وقتلاً.

ومع الألفية الثالثة نجد أسامة غازى فى «أوبرا عايدة» 2000 إخراج أحمد صقر والمبدع يحيى الفخرانى عن جرائم القتل الرحيم وصلاح عيسى فى «ريا وسكينة» من إخراج جمال عبدالحميد 2005 لأنها دراما جراء الفقر والجهل والاحتلال الذى حول امرأتين إلى الإجرام وينتهى عام 2010 بـ«أهل كايرو» لبلال فضل ومحمد على حيث البانوراما الصادمة للقاهرة والحالة السياسية الفنية والإعلامية التى وصل بها المجتمع إلى أن يقتل الأب ابنته بعد استغلالها جسدياً ومادياً.. وبعد يناير فى «سجن النساء 2014» لمريم ناعوم وكاملة أبوذكرى تتحول دراما الجريمة نحو الوحشية والعنف حيث تقتل الخادمة الابنة الشابة كرهاً وانتقاماً وحقداً على المجتمع وبعد «حوارى بوخارست» 2015 إذا البلطجية أسلوب حياة والبلطجى ضحية مجتمع، وتنتقل الجريمة إلى أهل المال و«الكومبوند» فى «فوق مستوى الشبهات» و«ضد مجهول» و«الميزان» و«الكبريت الأحمر» و«وش تانى» لإثبات أن العنف والقتل والنصب والدم والاحتيال ليسوا حكراً على الفقراء، وإنما الأغنياء المتعلمين أيضاً فالجميع ساقط مجرم دموى.

إن الرسائل الإعلامية والفنية التى تبعثها تلك الدراما من إسفاف وسوقية ودموية وتدمير للسلوك والذوق والإنسانية تنقل صوراً سلبية عن المجتمع المصرى على كل المستويات.. الدراما فن وليست إجراماً.. رفقاً بالمشاهد حتى لا نصبح مجرمين.