رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

 

تواردت الخواطر وتوافقت الرؤى بين الكاتب الكبير صبري غنيم والكاتب الكبير الصديق مصطفى عبدالرازق.. كتب الاثنان في موضوع واحد وصفحة واحدة وفي زاويتين متجاورتين لا يفصلهما سوى هامش رفيع.

كتب الاثنان عن بناء المدن الجديدة ومشروعات الإسكان المتعددة والمتنوعة على مختلف المستويات.. تطرق الأستاذ صبري غيم إلى الخطيئة الكبرى التي ترتكبها الحكومة في مشروعاتها وهي غياب الخدمات وبصفة أساسية عدم وجود مواصلات ووصف ما يحدث باللامعقول واللامقبول خاصة أنه تحدث عن المشروعات التي تقيمها الدولة في المناطق النائية وضرب مثلاً بمنطقة الأهرامات.

أما الدكتور مصطفى عبدالرازق فقد كتب عن مشروع الإسكان الاجتماعي الذي تشيده وزارة الإسكان والذي يمتد إلى مناطق كثيرة في مختلف المحافظات، وقال إنه إنجاز رائع يدفع الإنسان لأن يشعر بالفخر لكنه تحدث عن أزمة المواصلات التي جعلت من هذه المشروعات جزرًا منعزلة، وقال إن ما حدث هو إفساد للطبخة من أجل حفنة ملح.

هذا التوارد في الأفكار والخواطر يؤكد أن هناك أزمة حقيقية في هذا الكم الهائل من المشروعات التي تقيمها الدولة، وهو ما يشير إلى أن النجاح الذي تحقق من بناء وتشييد المشروعات المختلفة هو نجاح منقوص ومهدد لأنه ببساطة يفتقد أدنى مقومات الحياة.

هنا أدركت الفارق بين القطاع العام والخاص.. وهنا أدركت الفارق بين الفكر الحكومي المحدود وبين فكر القطاع الخاص المبدع.. هنا أدركت أن إيماني بالخصخصة والاقتصاد الحر هو إيمان مبني على يقين وأسس.. دائماً وأبداً أقول إن الخصخصة هي الحل، وإن الدولة لا يجب أن تتواجد إلا في المشروعات الاستراتيجية الكبرى، وأن قاطرة الاقتصاد لا تنطلق إلا بسواعد وفكر القطاع الخاص.

مثلاً إذا قارنا بين القطاع العام والقطاع الخاص في مشروعات الإسكان التي تكلفت المليارات نجد الفارق كبيرًا والمقارنة تكون ظالمة.. فمشروعات الدولة حالها كما ترصده مقالات الكتاب وآراء قاطنيها.. فكما رأينا أنها تفتقد الحد الأدنى من الخدمات الأساسية التي لا تقوم الحياة إلا بها.. أما في القطاع الخاص فهناك فكر ورؤية وخبرة شيدت العديد من المدن والمشروعات التي تعد نموذجاً يحتذى به.

فمثلاً مدينة الرحاب التي أعتز بأنني واحد من سكانها شيدها هشام طلعت مصطفى منذ عام 2000 بفكر سبق عصره وقتها.. فالرجل قام بتوفير المسجد والمستشفى والمدرسة وخطوط المواصلات الداخلية والخارجية والمولات والأسواق قبل أن يقوم بتسليم أول وحدة سكنية لعملائه.. من أجل هذا أفخر بأنني رحابي.. وأفخر بهذه المدينة الجميلة.

ولا يتوقف الفارق عند هذا المحور.. ولكن الأهم من هذا هو محور بناء البشر.. فالمدينة التي أسكن فيها والتي تأسست بفكر القطاع الخاص تجد فيها المكتبة والمسجد والمدرسة والمستشفى والنادي والهواء النقي ووسائل الترفيه المختلفة.. كل هذا من أجل بناء البشر.. ولهذا أصبحت مشروعات الإسكان التي يشيدها القطاع الخاص في مصر علامة بارزة ومقصدًا للعديد من وزراء الإسكان في الدول الشقيقة.. وأذكر أن وزير الإسكان السعودي عندما زار مشروع مدينتي أبدى إعجابه الشديد بما شاهد على الطبيعة.

مازلت أذكر كلمة القطب الوفدى الكبير المرحوم الدكتور محمد علي شتا رحمة الله عليه والذي كان يقول دائماً إن بناء البشر أهم بكثير من بناء أي شىء آخر.

إنني أدعو الحكومة أن تعيد النظر في استراتيجية بناء المشروعات الجديدة.. ولا عيب في أن تستفيد من تجربة القطاع الخاص في مصر.. وأعتقد أن الفرصة مازالت أمامها.. فعليها أن تبدأ بتقديم الخدمات الأساسية من شبكة طرق ووسائل مواصلات وأسواق.. والأهم من ذلك أن تقيم مؤسسات بناء الإنسان من مكتبة ومسجد ودور عبادة وأندية ووسائل ترفيه وغيرها.

من مشروعات الإسكان الاجتماعي نبدأ.. ومنها ننطلق إلى سكن مصر ودار مصر وبيت الوطن ثم إلى العاصمة الجديدة التي نعلق عليها الآمال.. وعلينا أن نضع نصب أعيننا أن بناء البشر قبل أي شىء.. فمن هنا نبدأ.