رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

كنا نعتقد ـ مخطئين ـ أن القرن الحادي والعشرين، يحمل معه بشائر الحرية الحقيقية، وقيم المحبة والتسامح.. ولكن ما إن اقتربنا من نهاية العقد الثاني، حتى أطلَّت علينا بانوراما الوحشية والهمجية والبربرية، في أبشع صورها!

تعددت الجرائم والظلم واحد.. انتهاكات بلا رادع قانوني أو أخلاقي، أو وازع إنساني.. طرق بشعة «برًا وبحرًا وجوًا» في القتل والتنكيل والتعذيب.. أطفال، رجال، نساء، شيوخ مسنون، يُذبحون كل يوم بدم بارد!

هذا المشهد العبثي، ليس من نسج الخيال، بل هو حقيقة مؤلمة، تحدث فصولها في سورية الجريحة، حيث عمليات الإبادة الجماعية مستمرة بشكل ممنهج، وبصورة يصعب وصفها، أو تحمُّل ما خلَّفته من مأساة كارثية مروِّعة!

السيناريو الوحشي الدامي المسكوت عنه، يروي لنا مشاهد مؤسفة يندى لها جبين الإنسانية، التي فضلَّت الصمت المريب، تجاه بشر ينتمون إلى بني الإنسان.. ضحايا بمئات الآلاف، وجرحى تتجاوز أعدادهم الحصر!

مسالمون أبرياء عزل، يفرون من وطنهم، هربًا من القتل والكراهية والتنكيل، بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الإنساني الحديث، لعل آخر فصولها «الهُدنة المنتهكة» أربع مرات حتى الآن في الغوطة الشرقية!

فصول متجددة من المذبحة التي يُفاخر القتلة بارتكابها.. زبانية يرقصون طربًا لأصوات البراميل المتفجرة التي تفتك بأجساد الأطفال، وآخرون يقفون سدًا منيعًا لحماية القتلة، لأنهم شركاء في الجريمة، أما الباقون فيسنون السكاكين ابتهاجًا، بانتظار مجزرة جديدة!

في الجانب الآخر، هناك «المتفرجون» على أشلاء البؤساء الذين يموتون تحت الأنقاض.. لكنهم يموتون بيأس يليق بالضحايا، الذين صارت دموعهم دمًا، وصراخهم تحديًا لهذا التاريخ الذي أصبح مسلخًا!

«ظالمون، أصوليون، تكفيريون، داعمون للقتلة، مستضعفون».. صورة مصغرة لمأساة مستمرة منذ سبع سنوات، تركت للعالم فجيعة لا تجرؤ كلمة على الاقتراب من معناها، فجَّرت كل مشاعر الغضب.. من الحكام والمحكومين، من المستبدين والأحرار والمستضعفين.. من كافة المنظمات الدولية العاجزة!

هؤلاء المرتعبون المشردون الذين يتعرضون للظلم، لم ينصفهم هذا العالم «الشقي»، «الأسير» للمعادلات والتوازنات والحسابات المعقدة، «المدَّعي» لحقوق الإنسان، «الهاتك» لقيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية!

نتصور أنه لا يمكن الرهان على الظالمين لتحقيق العدل، في ظل عالم غبي، وواقع مفعم باليأس والأفكار البالية.. أصبحت فيه العدالة الإنسانية، مجرد أسطورة، تحكيها كتب التاريخ في الأزمنة الغابرة!

في الغوطة الشرقية، كما في غيرها من المناطق، على امتداد سورية المستباحة، أصبح الجميع «صمٌ، بكمٌ، عميٌ».. فقط مجرد رثاء للعدالة المزعومة، التي ماتت بموت الضمائر حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، ودُفنت تحت القصف المتواصل والبراميل المتفجرة!

بعد ما حدث ويحدث من تهجير وتشريد وبشاعة في القتل لا مثيل لها، لم يمل العالم من مواصلة خذلانه للسوريين الأبرياء رغم عدالة قضيتهم، لأنه ببساطة عالم يعج بالمنافقين والمضللين والأفاقين وعلماء السلطان والساكتين الخانعين!

ربما يمكننا تلخيص هذا الواقع الأليم من خلال «مفكرة عاشق دمشقي» التي سطرها نزار قباني قبل عقود:

يا من يعاتبُ مذبوحًا على دمهِ

ونزفِ شريانهِ.. ما أسهلَ العتبا

من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى مواجعهُ

ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن شربا

حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى عنقي

من ذا يعاتبُ مشنوقًا إذا اضطربا؟

[email protected]