رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

مر شهر يناير وهو الشهر الذى شهدت فيه مصر احداثا كبيرة من مظاهرات 17 و18 يناير 1977 والمعروفة بانتفاضة الخبز أو انتفاضة الحرامية، وحتى ثورة 25 يناير 2011 وسبق كل هذا عيد الشرطة، وكنت أتوقع من ابطال مظاهرات يناير أن يحتفلوا بها كما عودونا كل عام، لكن هذه المرة عدت هذه المناسبة مثل مناسبة ثورة يناير دون أى احتفالات، وركز الاعلام فقط على عيد الشرطة ونسى الكل ثورة يناير التى لولاها ما كان أحد منهم فى مقعده الآن.

 ولكن تبقى مظاهرات يناير 1977 والتى أطلق عليها السادات «انتفاضة الحرامية» نقطة فاصلة فى حقبة حكم السادات وبها درس مهم، لأن الظرف التاريخى الذى وقعت فيه الأحداث بعد انتصار كبير على الكيان الصهيونى والوعود التى اطلقها الرئيس السادات بالنمو والرخاء والانفتاح والخروج من عنق الزجاجة.

لكن الشعب المصرى فوجئ بعدد من الأمور أهمها صعود تيار الفساد الى سدة المناصب العليا فى مصر، وظهور فريق من المنافقين، وأصحاب المصالح الذين أقنعوا السادات بأنه كبير العائلة المصرية، وأن عهده عهد العلم والايمان ثم فرضوا عليه حصارا بحيث لا يسمع إلا لهم ولا يقرأ إلا تقاريرهم بل أقنعوه بأن الشعب يؤيده فى كل خطوة لأنه صاحب الانتصار، وهو ما ظهر عليه فى خطاباته وتصريحاته، وأصبح يستخدم لغة التعالى على الشعب وعلى فئاته المختلفة من مثقفين وإعلاميين وفنانين ومهندسين وأطباء ويعطيهم دروسا فى الوطنية.

وزاد من هذا أن الانفتاح الذى قام به كان انفتاحا وهميا يقوم على الاستيراد خاصة السلع الترفيهية وليس الانتاج، وأهمل شركات القطاع العام التى كانت قد وصلت الى مرحلة الانهيار بسبب هذا الاهمال، ورأينا كيف استفاد لوبى الفساد من هذا الانفتاح، وسمعنا لأول مرة عن ظاهرة نهب البنوك وعبارة كان يرددها ما يسمون أنفسهم وقتها بأنهم رجال أعمال "خد قرض واجرى" وكانت شرارة هذه المظاهرات من هذه الشركات وقام بها العمال أنفسهم لأنهم شاهدوا تعبهم يضيع سدى أمام أعينهم.

 فلم يكن خروج الملايين فى يومى 17 و18 مظاهرة ضد ارتفاع الأسعار، لكن كان ضد وضع سياسى واقتصادى سيئ وتحويل الحاكم الى ديكتاتور يتعالى فى خطاباته على الناس خاصة، وكانت لدى السادات شهوة الكلام وكان يخطب بمعدل مرة كل أسبوع وبالساعات كما كان الناس ينتظرون منه ما وعد به من رخاء والخروج من عنق الزجاجة بعد الانتصار.

وأعتقد أنه فى يوم 19 يناير خرجت عناوين الصحف الثلاث الأهرام والأخبار والجمهورية بعنوان واحد يتهم الشيوعيين أنهم وراء المؤامرة على مصر، وكأنه كتب على المصريين أن يعيشوا فى كل عهد وتحت أى نظام فى جو المؤامرات، لأن الحكام يعلمون أن المصرى حريص على بلده أكثر من أى شىء آخر، ولم نسمع مرة عن إحباط مثل هذه المؤامرات والرد بقوة على من يقوم بها، بل هى عبارات رددها وقتها الصحفيون ورجال السادات والاجهزة الامنية ولوبيات الفساد لتخويف الشعب. وفى الحقيقة لم تكن هناك مؤامرة كما زعموا لأن 40 عاما مرت على هذه الاحداث ولم نسمع أو نقرأ عن تفاصيلها ومن وراءها، وكيف نجح منظموها فى إخراج الملايين الى الشوارع من أسوان الى الاسكندرية.

وإن كان السادات قد استوعب الدرس بعد قيامه فى نفس العام بزيارة القدس واشتراط أمريكا واسرائيل عليه أن يعيد الحياة الحزبية إلى مصر، وأن يسمح بهامش من الحرية إلا أن حرية السادات كانت منقوصة وكان النقد يوجه الى المسئولين، أما السادات فكان بعيدا عنه وكان خطًا أحمر.

ولم يقم بأى إجراء ضد لوبى الفساد وحزب المصالح، بل استعان بهم فى انشاء الحزب الوطنى، وهذا اللوبى ضرب مثلا فى التحول من حزب مصر الى الحزب الوطنى فى ليلة واحدة كل الأعضاء تحولوا اليه بدون كسوف أو خجل. فكل أعضاء الحزب كان لا يهمهم الا مصالحهم الخاصة والامتيازات التى يحصلون عليها، وكان أدق تعبير للحزب الوطنى بأنه «تجمع لأصحاب المصالح» والفاسدين وخدامى الأجهزة وأى حزب سياسى تكون عضويته من هؤلاء فهو حزب يتبخر مع أول محك حقيقى، وهو ما حدث فى ثورة يناير. فجميع أعضاء الحزب اختفوا وجلسوا فى منازلهم يحمون ما جنوه من ورائه وعندما تم حله لم يحاول أى عضو الدفاع عنه بل هم الذين يحاولون الآن الالتفاف حول السلطة الحالية حتى تزيد ثرواتهم والانتقام من الشعب الذى خرج ضدهم.

 فالدروس كثيرة من مظاهرات يناير، ويجب أن ندرس ما جرى حتى لا نكرر الأخطاء حتى نعرف أخطار لوبى الفساد وحزب المصالح الذى بدأ يصعد مرة أخرى الى المشهد العام فى مصر.