رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

«الكذب» من أعظم الخطايا، وإحدى الظواهر السلبية الضارة التي تفشت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ليصبح آفة خطيرة تهدد حياتنا ومجتمعاتنا، خصوصًا أنه يرتبط بالخداع والتدليس، ولذلك يمكن تصنيفه كأحد أبشع «الجرائم» التي تجلب الفضيحة والسقوط!

هناك كثيرون يدمنون الكذب، بل يتنفسونه كالهواء، حتى أصبح عندهم «عبادة» وليس «عادة».. يمارسونه في جميع الأوقات، وعلى مدار اليوم، حتى بات لديهم أمرًا ضروريًا مستساغًا، وقناعة تصل إلى حد اليقين!

نتصور أن مثل هؤلاء يتجاوز الكذب عندهم آثار إعمال العقل بمراحل عدة، الأمر الذي يجعلهم يصدقون أنفسهم، متمادين في تضليلهم، أما هؤلاء المخدوعين فإنهم يعيشون في غيبوبة، مستمتعين ومبررين ما يرونه أو يسمعونه، لأنه بالتأكيد ليس لديهم ما يخسرونه!

نتصور أن الكاذب ربما يتآمر على نفسه، من خلال صناعة وإشاعة الكذب، فتتوقف خلايا عقله عن التفكير، فيما هو واضح أنه كذب بيِّن، بل إنه قد يتماهى في تصديق كل ما يردده،على رغم شعوره الداخلي الرافض بصمت لكل ما يحدث، وهنا لا يكون الشخص مريضًا أو ضحية، بقدر ما يكون صانعًا أو مشاركًا في تلك الجريمة!

نعتقد أن الكذب هو الكذب.. كله سوء، وإثمه أكبر من نفعه، ولا يوجد له مبرر أو منطق، ولذلك فإن أشدَّ أنواعه ضررًا، ما قد يُطلق عليه «الكذب السياسي»، أو «سياسة الكذب»، التي صارت مدرسة فريدة لها أساتذتها ومناهجها وروّادها وخريجوها وعباقرتها، وأغبياؤها.. وهم كُثر!

الواقع أن الكذب صار بضاعة رائجة تحيط بنا من كل اتجاه، حتى أن كثيرًا من الناس أدمنه وصار شيئًا مألوفًا، وباتوا على موعد يومي مع الكذب بشتى أنواعه، ليصبح اللغة الرسمية والخطاب المتبادل والعُرف السائد فيما بينهم، مما يجعلنا نتساءل بصدق: هل أصبح منطق الكذب وقلب الحقائق وظيفة ينبغي اتقانها؟!

بالتأكيد، عندما نتأمل الواقع الكاذب، لن نجد شيئًا يستطيع أن يصمد أمام أي برهان بسيط لكل صاحب عقل، لأن حماقة الكذب أوصلتنا لانتشار ثقافة التبرير، التي تعد مؤشرًا سلبيًا لانحدار منظومة المبادئ والقيم والأخلاق، وسقوطها في قاع الهاوية!

لقد أصبحنا نعيش في عالم يصعب على الإنسان العثور فيه على «صادق»، وإن وجده صدفة، عُومل بحذر، لكثرة الكاذبين على اختلاف أنواعهم، خصوصًا تلك الشريحة الكبيرة من السياسيين والإعلاميين ورجال الدين والأدعياء، لكثرة تلوناتهم وتحولاتهم، وتمترسهم خلف قناعات كاذبة ومتناقضة ومبررات واهية!

بكل أسف، نرى كثيرًا من الناس متعطشين للكذب.. تواقين لتصديقه، ومنهم من يتعمد الدوران في حلقته الفارغة، على اعتبار أن لا أحد يراه، بل يعتبره نوعًا من الذكاء الاجتماعي، فيتخذ الكذب منهاج حياة، على رغم علمه المسبق أن «حبل الكذب قصير»!

لعل من مساوئ «الكذاب» أنه ينسى أكاذيبه، بل يختلق بنفسه ما يخالفها، وربما لفق الأكاذيب المتناقضة، دعمًا لكذبةٍ افتراها وصدَّقها، لنجد أن ما يقوله هذرًا مقيتًا ولغوًا فاضحًا، فإذا ما وجد آذانًا صاغية، يكون مكمن الخلل في المتلقي ذاته!

أخيرًا.. إن «اعتياد الكذب يورث الفقر»، كما يؤكد الرسول الأعظم محمد، و«من كثر كذبه ذهب بهاؤه»، كما يقول عيسى بن مريم عليه السلام، و«أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب»، كما يشير الإمام عليّ، لأن الكاذب «يكتسب بكذبه ثلاثًا: سخط الله عليه، واستهانة الناس به، ومقت الملائكة له».. أما هؤلاء الذين أدمنوا الكذب فقد صدقت فيهم الحكمة القائلة «من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه»!

 

[email protected]