عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات


عند كل فاجعة أو كارثة، يخرج علينا حفنة من الإعلاميين والخبراء والمحللين الاستراتيجيين (من الفصيلة المدِّعية والضارة جدًا) بتأكيدات (حازمة، حاسمة، قاطعة) عن قرب دحر الإرهاب الذي يترنح ويلفظ أنفاسه الأخيرة!

بكل أسف، في كل مرة تخيب توقعاتهم ويثبت جهلهم، ليس هذا فحسب، بل تتملكهم العنتريات والعنجهية والصلف، ولا يعترفون بانعدام الكفاءة والرؤية، كما أنهم ليسوا على استعداد للتعلم.. أو حتى الصمت!

ما زال الكثيرون منهم ـ زعمًا بدافع الحس الوطني ـ يصدِّرون لنا الخوف، ويقومون بالنفخ في هذا الشعور وتغذيته، لا يتوقفون عن ذلك.. ورغم إفلاسهم لا يرغبون في ترك الساحة لآخرين ممن لديهم رؤية مختلفة، وكأنه احتكار لا ينتهي إلا بوفاة المتلقي!

هذه التحليلات تشبه إلى حد كبير طرفة من النوادر.. مفادها أن رجلًا وجد جحا يبحث عن شيء تحت ضوء مصباح في شارع قريب من منزله، فسأله الرجل عما يبحث، فقال جحا أبحث عن مفتاحي، فقال له الرجل وهل أضعته هنا؟ فأجاب حجا: لا، بل بالبيت، فسأله الرجل لماذا تبحث عنه هنا؟ قال حجا كيف لي أن أجده والبيت مظلم!!

هذه الطرفة ربما تكون تجسيدًا لواقع هؤلاء، الذين نتصور أنهم أقرب ما يكونون إلى «الهرتلة»، خصوصًا حين تزداد الأمور تعقيدًا، ويريد الناس تصديقهم، هروبًا من واقع مرير، شديد القبح، لا طاقة لهم على تحمله أو التعامل معه!

بكل أسف، بعض هؤلاء «المضلِّلين» الذين يُطلق عليهم إعلاميون أو محللون وخبراء استراتيجيون، يساهمون بجهلهم وغبائهم في استفحال الظاهرة، رغم أن خريطة الإرهاب وفصائله يكتنفهما كثير من الغموض، فينساقون إلى استنتاجات وتنبؤات خيالية، بعيدة عن الواقع تمامًا!

لعل ما يحدث في بلادي من تطورات عبثية دامية، تحتاج إلى وقفة للتقييم وتقرير المواقف وإثبات التقديرات، وطرح التصورات والرؤى، ومن ثم طرح أسئلة مشروعة وملحة عن ظاهرة لم يعد في الإمكان تجاهلها، كما بات من السخف تصور قرب نهايتها!

بالطبع، هناك إرهاب وعنف وأفكار وتنظيمات ظلامية، تزهق الأرواح وتستبيح الدماء وتستسيغها، أضف إلى ذلك وجود مؤامرات، ودعم خارجي لم ينقطع.. كل ذلك حقيقي وموجود، لا ينكره إلا جاحد أو مكابر أو مغيب، أو من لا يستطيع تخطي كراهيته وانحيازاته السياسية!

لكن، الواقع متشابك وأعقد من ذلك بكثير، فبدلًا من أن نواجه الإرهاب الحقيقي، بعناوينه المعروفة للقاصي والداني، يقوم هؤلاء «المنظِّرون الأدعياء» بإغراقنا في متاهة البحث عن «شماعات» واهية مهترئة، والابتعاد عن محاربة الإرهاب التكفيري!

إننا نقول لهؤلاء: تُرى من لا يعرف العقيدة التي يحملها الإرهابيون منذ ظهور القاعدة وحتى قبل ذلك، إلى أفول داعش، أليست هذه العقيدة هي الوهابية.. وهل هناك من يشكك بهذا الأمر؟!

هل هناك أدنى اختلاف في عقيدة وممارسات القاعدة وداعش وجبهة النصرة، والهجرة والتكفير وبوكوحرام وأنصار الشريعة وطالبان وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر وأكناف بيت المقدس وحركة الشباب والجبهة السلفية الجزائرية وجماعة المقاتلين المغاربة؟

هل هناك تباين أو اختلاف بين جماعة أبوسياف وحركة التوحيد والجهاد وشبكة حقاني وجيش محمد ولشكر طيبة وجيش الصحابة... وعشرات، بل مئات الجماعات التكفيرية الإرهابية الأخرى، المسؤولة عن كل الخراب والدمار الذي حلَّ بمصر والعرب والمسلمين؟

نقول لهؤلاء الذين يطلون علينا بتحليلاتهم في كل صباح ومساء: إن أصل الداء معلوم من الإرهاب بالضرورة، وعقيدة هذه الجماعات مجتمعة، قائمة على أسس واضحة، بدءًا بتكفير المسلمين وغيرهم، وليس انتهاء بأساليبها في التعامل مع الآخرين بالتفخيخ والتفجير والذبح والحرق والسبي والاغتصاب... فلمن يقدمون هذه «الخدمات الجليلة»؟!

[email protected]