رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

كثيرٌ منَّا لا يرغب في مواجهة الحقائق، ولا يقبل الاعتراف بالواقع.. فيظل مكابرًا ومعاندًا ـ لنفسه قبل غيره ـ من أجل تبرير مواقف في الوقت الضائع، أو محاولة إصلاح وترميم ما أفسده الدهر!

عندما يتقدم العمر بالإنسان، ويصل إلى مرحلة من النضوج أو «الضعف والوهن»، ربما تتشكل لديه قناعات مختلفة، قد تشهد تحولًا وتغيرًا في أفكاره وسلوكه، فتكون خطواته التالية محسوبة ومتأنِّيَة!

هذه المرحلة «الحرجة» ربما يصاحبها شعور قاسٍ يعتمد على لوم النفس أو جلد الذات، بشأن حماقات أو مواقف أو قرارات حدثت في الماضي، أو ما قد نسميه «الندم»، الذي يكون تهيئة للنفس وتطهيرًا للقلب!

نتصور أن أصعب شعور على الإنسان هو مجيء «الإبصار» متأخرًا، فيشعر بالندم على أخطاء ارتكبها، أو أشياء ما كان عليه أن يفعلها، أو كلمات اختزلها، أو رأي لم يُفصح عنه، أو مواقف متخاذلة، أو شهادة كتمها.. ليصل إلى مرحلة قد لا ينفع معها أي ندم أو اعتذار!

استعادت ذاكرتي مقالًا في الجارديان البريطانية يلخص كتابًا بعنوان (أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت) لممرضة إسترالية تدعى بروني وير، تنقل فيه تجارب عايشتها مع مرضى مسنين، كانوا على سرير الموت، أو في مرحلة الاحتضار!

تكمن روعة هذا المنشور في أنه يتناول أهم الأشياء التي قد نندم عليها عندما نكبر، حيث يلفت الأنظار إلى ضرورة تعلم دروس الشيخوخة في سن النضوج، قبل الوصول إلى مرحلة نعجز فيها عن تعويض ما فات من حياتنا.

الكاتبة عايشت هؤلاء «الراحلين» في أيامهم الأخيرة.. تشجعهم وتؤازرهم وتتحدث معهم لساعات طويلة، ويومًا ما قررت أن تسألهم عن أكثر الأشياء التي كانوا يتمنون أن يفعلوها خلال حياتهم، أو عدم فعلها إذا عادوا إلى سن الشباب، فكانت إجاباتهم تتمحور حول نقاط محددة.

ـ تمنيتُ لو كانت لديَّ الشجاعة لأعيش لنفسي، ولا أعيش حياة يتوقعها أو يريدها مني الآخرون، وعدم إرضاء الغير، على حساب نفسي وأسرتي، أو الظهور بمظهر يُرضي المجتمع فقط!

ـ تمنيتُ لو أنني خصصت وقتًا أطول لما أُحب أن أفعله، بدلًا من إضاعة العمر كله في روتين مُمِل، أو أشياء لا قيمة لها!

ـ تمنيتُ لو كانت لديَّ الشجاعة لأعبّر عن مشاعري بصراحة ووضوح، تجنبًا لعدم الصدام مع الآخرين، أو التضحية لأجل أناس لا يستحقون!

ـ تمنيتُ لو بقيتُ على اتصال مع أصدقائي القدامى أو تجديد صداقتي معهم، لكنني للأسف ابتعدتُ عنهم في مرحلة العمل وبناء الأسرة، حتى فقدتهم نهائيًا، أو أنني علمت بوفاتهم فجأة!

ـ تمنيتُ لو أنني عرفت مبكرًا المعنى الحقيقي للسعادة، التي لم ترتبط بالمال أو المنصب أو الشُّهرة، وكانت اختيارًا يمكن تحقيقه بأقل جهد وتكلفة، لكنني بقيت متمسكًا بأفكار تقليدية لتحقيقها!

ـ تمنيتُ أن تكون علاقتي مع شريكة حياتي مبنية على الحب والمشاركة، لا العِشرة والتَعوُّد.. فهناك فارق كبير جدًا بين الحالتين!

ـ تمنيتُ أن أكون بارًا بأبي وأمي، وأقضي معهما كل الوقت الذي أضعته بعيدًا عنهما، فالأم والأب هما الشخصان اللذان لا يمكن تعويضهما!

ربما يمكن إضافة كثير من الأمور الأخرى، تتجاوز تلك النقاط، ولذلك نتصور أن الدنيا والعمر أقل زمنًا من أن نهدرهما في أفعال وأقوال ومواقف وآراء، قد نندم عليها لاحقًا.. وعلى الإنسان أن يختار ما بين الصدق مع النفس وشجاعة المواجهة، أو الصمت و«تجاهل الخيبة»!

[email protected]