فى بحثه المحموم عن لفت الأنظار إليه يواصل يوسف زيدان تصريحاته العبثية التى يحاول أن يهدم بها رموزا تاريخية ويقدم معلومات مغلوطة، وفى حوار لسيادته مع عمرو أديب وصل تطاوله العبثى إلى «القرآن الكريم» فتحدث عن جود أكثر من مصحف مدعيا أن المصاحف المتداولة الآن تختلف عن مصاحف أخرى تم جمعها أيضا أيام الخلفاء الراشدين، ورغم أن هذه المعلومة يعرفها طلاب المرحلة الابتدائية فى المعاهد الأزهرية، ويعرف حقيقتها من له أدنى درجة من المعرفة بتاريخ الإسلام والكتابات عنها كثيرة، لكن هذه الكتابات كلها تكشف عن أن المصاحف التى يتحدث عنها يوسف زيدان ليست بها اختلافات جوهرية بل هناك فى مواضع لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة خلافات حول «حرف» أو كلمة وفى مواضع محدودة للغاية ولا تغير المعنى، ولهذا راجع علماء المسلمين الموثوقين هذه الكلمات المحدودة واستقر رأيهم على المصحف المتداول الآن، ورغم الكلمات المحددة للغاية التى حدث فيها خلاف ورغم أنها لا تغير المعنى، إلا أن علماء المسلمين رفضوا ترك هذه المصاحف للتداول العام وأجمعوا أمرهم على أن يكون المصحف المتداول الآن هو المصحف المعتمد استنادا إلى مراجعات تاريخية صارمة.
الكارثة أن يوسف زيدان أورد هذا الموضوع فى حواره بإيحاءات كارثية تصور الأمر وكأن هناك «مصاحف» متعددة بينها خلافات جوهرية!
مثل هذه التصريحات العبثية تمثل كارثة حقيقية تضاف إلى كوارث لا تقل عنها خطرا ينشرها «زيدان» بجرأة الجهلاء.
يوسف زيدان بعبثياته يقدم خدمة جليلة لأعداء الأمة ولأعداء الحرية معا.
أما خدماته لأعداء الأمة فتتمثل فى محاولاته تشويه بطولات تاريخية مثل صلاح الدين الأيوبى والادعاء - بجهل فاضح - أن المسجد الأقصى الذى تحاول إسرائيل هدمه ليس هو المسجد الأقصى المذكور فى القرآن الكريم. ومن لديه أى معرفة بالتاريخ لا يمكن أن تقنعه مثل هذه الادعاءات التافهة، فالمسجد الأقصى اقترن فى القرآن الكريم بالإسراء والمعراج واعتراض قريش على هذه المعجزة - كما ذكرت كل كتب التاريخ - كان لمعرفتهم بالمسافة الشاسعة التى تفصل بين مكة والمسجد الأقصى بالقدس.
وتوقيت هذه التصريحات العبثية عن المسجد الأقصى وصلاح الدين محرر القدس من الحملات الصليبية يقدم لإسرائيل خدمة جليلة لهدم صورة صلاح الدين ودعم ادعائها بأن المسجد الأقصى موقع الهيكل القديم وليس له صلة بالمسلمين!
وأما خدماته الكبرى لأعداء الحريات فى مصر فمنها محاولته هدم الصورة الذهنية للبطل أحمد عرابى الذى يمثل أحد أهم رموز التحرر من سلطة الخديو والإنجليز.
وثالثة الأثافى كما يقولون تمثلها تصريحاته عن القرآن الكريم والتشكيك فى القرآن الكريم، وقد حرك هذا التصريح الشاذ والخطير القوى المعادية لحرية التعبير فحاول بعض أعضاء مجلس النواب إحياء مشروع قانون يعاقب من يهين رموز الوطن أو الرموز الدينية.
فهل يدرك يوسف زيدان نتائج هرطقاته وكتاباته وتصريحاته؟! وهل يستطيع أن يتفهم النتائج الكارثية؟!
البعض يؤكد أن مثل «زيدان» يدرك جيدا ثمرات كتاباته وتصريحاته، وأنه يفعل ذلك بقصد تحقيق هذه النتائج.
ولأننى أرى أن مثل هذا التأكيد يعنى اتهامات خطيرة بخيانات وليست خيانة واحدة فإننى أرفض أن أنساق وراء هذه الاتهامات، لكننى بالقطع أرى أن «زيدان» يقصد فعلا إثارة اهتمام الجماهير بهذه التصريحات والكتابات الشاذة لأنه أدرك أنه لا يملك المواهب والقدرات التى تسمح له بأن يكون ممن يحتلون دائرة الاهتمام بإنتاج ثقافى محترم فاختار أقصر الطرق إلى إثارة الاهتمام.