رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

ما يحدث في المنطقة العربية ليس من قبيل الصدفة، فأغلب ساحاتها، أصبحت «حروب بالوكالة»، ومناطق لتكريس النفوذ، خصوصًا بين روسيا والولايات المتحدة، وإيران وتركيا... ثم «إسرائيل» الغائب الحاضر!

ليس من قبيل المصادفة أيضًا محاولة أمريكا إعادة الهيبة والهيمنة، لاسيما بعد بروز السياسة الروسية الطامحة إلى إعادة الأمجاد السوفيتية الغابرة، وظهور بعض القوى الأخرى على «استحياء»، ضمن هامش مسموح به للمناورة، بعيدًا عن مصالح القوتين العظميين.

تبدو الأحداث «الساخنة» في باحات الأقصى و«الملتهبة» في المنطقتين العربية والخليجية، كمسرحية هزلية، سيئة النَّص والإخراج، حيث السيناريو غارقًا في التخبط، في ظل غياب النظرة الاستراتيجية عن صُنَّاع القرار.

عندما جاء دونالد ترامب إلى السلطة، كان واضحًا أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ستشهد مقاربة جديدة، غير تلك التي كانت على عهد سلفه أوباما، تعتمد في الأساس على فكرة إنشاء تحالف بين «إسرائيل» وجيرانها العرب للتصدي لخطر «الإرهاب»... والنفوذ الإيراني.

اتضحت جليًا تلك المقاربة مع زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة، وخطابه الشهير الذي ألقاه في الرياض، حينما أعاد تعريف الحرب على الإرهاب، لتشمل دائرة أوسع مما كانت عليه، وتعبيد الطريق أمام «إسرائيل» لدخول العالم العربي من أوسع أبوابه!

عندما نتوقف بعمق أمام تداعيات الأزمة الخليجية؛ نجد أنها لا تتوقف عند جغرافيتها العربية، بل تتجاوزها إلى أبعد من ذلك بكثير، وهذا ما يؤكد سر الاهتمام العالمي الكبير بهذه الأزمة، خصوصًا إيران وتركيا (أبرز المعنيين) بآثارها والاستثمار فيها، والتقاط الرسائل «غير المحسوبة» التي ألقت بها الأزمة في كل حد وصوب، في ظل حديث لم ينقطع عن إمكانية تشكيل ناتو عربي (سني يضم إسرائيل)!

نعتقد أن الانقسام الذي أحدثته هذه الأزمة في البيت الخليجي سيُنهي حقبة المواقف والسياسات الموحدة، وتقليل حجم التحديات التي كان يشكلها هذا البيت مجتمعًا، ما يفتح الباب أمام القوى الخارجية لإعادة قراءة المشهد من جديد، ورسم استراتيجيات وسياسات جديدة تتناسب مع المرحلة.

من جهة أخرى، فإن المعركة الإعلامية التي أشعلتها الأزمة بين أطرافها الرئيسية، والمتشعبة في أنحاء العالم، أخرجت إيران من مرمى الهجمات الإعلامية التي تستهدفها منذ سنوات، كما ساهمت في تحويل طهران إلى شماعة للتغطية على تحولات سياسية جذرية لسياسات دول خليجية تجاه قضية فلسطين والتطبيع مع «إسرائيل».

الأزمة الخليجية أيضًا لفتت أنظار الرأي العام العربي والإسلامي إلى خطر أكبر يفوق «الخطر الإيراني»، بما يشكل أكبر تهديد للمنطقة، من خلال قلب المفاهيم، والتجهيز لـ«صفقة القرن» مع «الاحتلال الإسرائيلي».

إننا على يقين من أنه كلما طال أمد الأزمة الخليجية واستفحلت، ساهم ذلك في تغيرات جيوستراتيجية، وتبدلات قد تشهدها المحاور والاستقطابات الإقليمية، كما أن بقاء أبواب الأزمة مفتوحة على مصراعيها قد يدفع تركيا إلى انتهاج سياسة «غير متوقعة»!

نعتقد أن حالة الفوضى العارمة التي تعم العالم العربي تحتاج فقط إلى الحوار، والبحث عن القواسم المشتركة، وحل الخلافات بالتفاهم والتراضي، بعيدًا عن تصعيد «الحلول الصادمة» التي تعزز عدم الاستقرار، وتهدد بتفجر مزيد من الحروب بالمنطقة.

أخيرًا.. الأزمة الخليجية أنتجت تطورات وتفاعلات متشابكة للغاية، ليست في صالح البيت العربي أو الخليجي، ولذلك نعتقد أنه في حال استمرارها على حالها، واتجهت نحو فصول أكثر تعقيدًا، ربما تتغير خارطة المنطقة، وسنكون على موعد مع أطلس عربي جديد، بعد 100 عام من «سايكس ـ بيكو»!

[email protected]