رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بكل أسف، هناك كثير من الأشخاص لا يرغبون في مواجهة الحقائق ولا يقبلون الاعتراف بالواقع، فيظلون مكابرين ومعاندين ـ لأنفسهم قبل غيرهم ـ من أجل التبرير أو محاولة إصلاح وترميم علاقات انتهت بالفعل!

عندما يتقدم العمر بالإنسان، ويصل إلى مرحلة ما، يصحبها بالضرورة تحول جذري في أفكاره وسلوكه وتصرفاته، وتكون خطواته محسوبة ومتأنِّيَة.. هذه المرحلة «الحرجة» نجد أن هناك مَن تغيَّر بالفعل إلى الأفضل، وآخرين ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم!

كثيرٌ من الأحباب والأقارب والأصدقاء... وحتى الزملاء، لا نجد أمامنا من سبيل سوى أن نقول لهم «لقد نفد رصيدكم من المحبة»، إيذانًا بانقطاعها إلى غير رجعة، وبدء مرحلة جديدة من الجفاء والقطيعة، يمكن أن تطول لفترات، لا يعلم مداها إلا الله.

عندما يصل الحوار إلى درجة من عدم الاحتمال، فليس أمام الإنسان إلا أن يختار الصمت عزوفًا عن مشادَّات يجدها إهدارًا للوقت بلا معنى، واستهلاكًا لرصيد المحبة دون جدوى، إلا أن يكون صمتًا عن حق متيقن، أو أن يلجأ إلى التجاهل، لأنه لا شيء بالفعل يستحق الاهتمام.

من حقي ومن حق غيري أن نطرح آراءنا وندافع عنها، وأن يعذر بعضنا بعضًا، في حدود آداب الحوار الراقي البنَّاء، وأصول اللياقة، فإذا وصلت الخلافات إلى درجة لا تُحتمل، فليس أمام أيّ صاحب رأي إلا أن يتوقف، احترامًا لنفسه ونأيًا عن مزيد من الابتعاد والهجر.

إن ما نعيشه، من واقع مرير، محبط وأليم، وما يحيط بنا من مسوخ بشرية تفتقر إلى أبسط قواعد ثقافة الحوار، وتدني لغة التخاطب، أو الحكمة في التعامل بين الناس، وإيجاد لغة مشتركة للتفاهم والتقارب، لا أقل من أن نصفهم بأشباه البشر!

لعل ما نراه الآن، هو انزلاق الكثيرين إلى حافة الهاوية في لغة التخاطب، فلم يعد هناك أي درجة من تحمل النقد أو الاختلاف، أو أي قدرة على تقبل الرأي الآخر، ليصبح العنف اللفظي مباحًا بين المتحاورين، الذي بدوره قد يصل أحيانًا إلى درجات أعلى من السب والقذف.

نتصور أن لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة، التي بالطبع ليست ملكًا لشخص بعينه، فالإنسان عندما يترك العنان لخياله ووساوسه وأفكاره، التي تؤيد ما يعتقده ـ هو وحده فقط ـ تكون الهوة سحيقة مع الآخرين، لذلك إذا كنَّا نتوقع بأننا لا نستطيع إقناع الآخر، أو أننا في وسط لا يستجيب لنا ولا يحتوينا ولا يتفهم أفكارنا، فيجب حينئذ ألا نناقش.

الواقع قد يجعلنا نتوقف في حياتنا كثيرًا عند محطات، نخوض فيها حوارات مع آخرين، تتحول إلى محاولات استقطاب حادة في النقاش، نتيجتها تكون بالتأكيد، انحيازًا غير مقنع إلى طرف، أو عداءً لا مبرر له مع طرف آخر، وكما قيل «إذا كان انتظار المصارحة مؤلمًا، فإن غطاء المجاملة مهين»!

نتصور أن السكوت في بعض المواقف يكون أفضل وأبلغ من الجواب والجدال العقيم، وكما يقول الشاعر:

«الصمت عن جاهل أو أحمق شرفٌ

              وفيه أيضًا لصون العرض إصلاحُ»

 لذلك يجب عدم الخوض في نقاشات عقيمة، لأن الدنيا والعمر أقل زمنًا من أن نهدرهما في نقاش لا يُجدي، لأن النتيجة ستكون معروفة سلفًا بأن ما يحدث هو «حوار طرشان»!

[email protected]