رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سؤال يبحث عن إجابة منذ أكثر من ستة عقود.. لماذا أخفقنا، بينما نجح الآخرون، رغم أن حضارتنا سبقتهم بآلاف السنين، ولم ينهضوا إلا منذ ثلاثة قرون، وتحديدًا منذ سبعين عامًا فقط.. فما الذي حدث ليتقدم المتخلفون، ويتأخر المتقدمون؟!

تبدو الإجابة صعبة، في ظل صعوبة معرفة أسباب تميز ونجاح الآخرين، والفشل الذريع الذي يلاحقنا، رغم وجود آلاف النماذج المهاجرة، التي نجحت وأسهمت في التقدم الحضاري الذي شهده العالم خلال العقود الماضية.

ربما لن نفاجأ بأننا متأخرون عن الآخرين بعشرات السنوات الضوئية، لأنهم يعتمدون حقوق المواطنة، والحريات «المسؤولة» كحق أصيل، ومعيار الكفاءة وفقًا لقواعد علمية صارمة، وتحقيق التوازن بين المصلحة الخاصة والعامة، وتبنِّي مبدأ القرار الجماعي، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب!!!

إنهم بكل أسف، يحققون النجاح الإنساني، وكل ما من شأنه الارتقاء بمنظومة التقدم والتطور، في مقابل عشوائية ممنهجة نُتقنها في المجالات كافة، حيث «الواسطة والمحسوبية»، و«توريث الوظائف»، وسيطرة الأفكار البالية والنظريات العقيمة التي عفا عليها الزمن!

بالتأكيد، نحن نمتلك حضارة عريقة، لكن حان الوقت لدراسة بعض التجارب الحديثة بشكل معمق، للحفاظ على الذات، والانفتاح الكامل على روح العصر وحضارته وثورته المعلوماتية، لذلك نعتقد أن تجربة «كوكب اليابان الشقيق» فيها الكثير من النجاحات التي يمكن أن تكون مثالاً يُحتذى.

نتحدث عن نهضة شاملة لبلد يفتقر إلى الحد الأدنى الضروري من المواد الخام، وتحديدًا النفط.. مساحته محدودة بالنسبة لعدد السكان، لكن الإنسان الياباني بإرادته وعلمه وعمله ومثابرته، استطاع تحقيق معجزة بكل المقاييس.

عندما نتأمل في مسيرة التطور السريع لتقدم اليابانيين، نجد أن هناك أسبابًا عديدة، نراها باعثة وكفيلة لنهضة أي أمة.. خصوصًا قدسية المنظومة التعليمية، والاهتمام المبالغ فيه بالطلاب الذين يمثلون مستقبل اليابان!

استوقفتني مؤخرًا قصة أو ملحمة ـ إن جاز التعبير ـ ليست مشهدًا في فيلم درامي، أو نسج خيال كاتب لرواية كلاسيكية.. تجعل ما يحدث في هذا الكوكب البعيد، أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة، ولذلك فإن مقولة «كوكب اليابان الشقيق» التي يرددها البعض ليست خيالية تمامًا، حيث يملك هذا البلد قصص نجاح حقيقية تكاد تكون من أساطير الأولين!

قصة صغيرة ما زالت حلقاتها مستمرة في جزيرة هوكايدو ـ أقصى شمال اليابان ـ التي توجد بها محطة قطارات بمنطقة نائية تسمى «كامي شيراتاكي».. هذه المحطة تعمل منذ سنوات من أجل طالبة واحدة فقط تدرس في الثانوية العامة، لتوصيلها إلى مدرستها وإعادتها مرة أخرى!

القطار يتوقف في المحطة مرة واحدة «صباحًا» خلال ذهاب الطالبة إلى المدرسة، وأخرى «مساء» لإعادتها إلى منزلها بعد انتهاء اليوم الدراسي.. وعلى رغم وجود أصوات تنادي بغلق المحطة لعدم جدواها اقتصاديًا أو وجود ركاب، إضافة إلى تكلفة التشغيل العالية، إلا أن إدارة السكك الحديدية رفضت الفكرة تمامًا، مؤكدة أهمية بقاء هذا القطار للحفاظ على المسيرة الدراسية للفتاة وعدم تعطيلها!!

المثير في الامر أن السلطات المختصة قامت بتعديل رحلات القطار خصيصًا لتناسب مواعيد اليوم الدراسي للطالبة، في ذهابها وإيابها، لتفادي أي تأخير قد يشتت تركيزها في مشوارها التعليمي!!

ربما لن نتعجب من تأكيد السلطات المختصة أنها تضمن للفتاة بقاء هذا القطار في خدمتها حتى انتهاء الدراسة بالمرحلة الثانوية وحصولها على الشهادة.. ولذلك ليس مستغربًا أن تعلق الطالبة بالقول: «لماذا لا أموت وأضحي بنفسي من أجل بلادي.. عندما تكون الحكومة مستعدة للذهاب أميالًا إضافية من أجلي فقط»!!

[email protected]